طعن وذبح لينشأ جيل لا يستطيع أن يقرأ القرآن، ولا يستطيع أن يجود كتاب الله، حتى يأتي الأعاجم، فيدرسونا كتاب الله، ويعلموننا مخرج الضاد، ويؤلفوا في ذلك رسائل.
والله قد قال فيه: ((قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ)). وهذا ليس انتقاصاً من الأعاجم، فإن الله يقول: ((فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ)). والإسلام ليس صكاً شرعياً للعرب.
ولكنه للعرب والأفغان والهنود والأتراك والأكراد والتركمان، وكل من حمله.
لكني أخبركم بالمشكلة التي حدثت.
وتصوروا عظم هذه المأساة بأن طلابنا الآن في المساجد لا يدرسهم إلا الأعاجم.
الطعنة الثانية: أن لا يعطى القرآن الوقت الكافي من أوقاتنا ودروسنا، فيخرج المتخرج بعد ست عشرة سنة وهو لا يجيد أن يقرأ سورة ولو قصيرة بالتجويد، ولا يعرف القلقلة، ولا الإظهار، ولا الإشمام، ولا الإدغام.
والطعنة الثالثة: أن القرآن نحي عن حياة الناس وعن سعادتهم.
وهو الذي أنزل ليحكم به الناس كل حياتهم، ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)).
أسلم أحد المستشرقين بمعجزة، وسبب إسلامه أنه قال: أول ما فتحت القرآن قرأت في سورة البقرة: ((الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)).
فبدأ الله كتابه بالتحدي منذ أول وهلة، وقد اعتدنا أن كل مؤلف يبدأ بمقدمة، يوضح فيها تقصيره ونقص كتابه. بخلاف هذا القرآن المنزل من الله.. فأسلم.
ولذلك لا يوجد كتاب غير القرآن إلا وفيه أوهام حتى صحيح البخاري ، فقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثامن عشر أن في صحيح البخاري أوهاماً يسيرة لا تقدح في صحته، ولكن الله أبى إلا أن يتم كتابه فقط.
المقصود أن القرآن جاء منذراً للبشرية وحاكماً لها.
والطعنة الرابعة: أنه عورض بالقوانين الوضعية، فأخذت بعض الشعوب الإسلامية موادها وقوانينها من نابليون ، ومن هتلر ، ومنلينين ، ومن بعض القرآن.
قال سبحانه وتعالى: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)). إما أن تأخذ الإسلام جملة أو تتركه جملة.
وذبح الإسلام في السنة في التشكيك فيها، وأنها ليست بحجة، وأنها ظنية، وباتهام الرواة.
أما التشكيك في السنة فأول من بدأ بذلك هم الخوارج ، الحزب الابتداعي، عليهم غضب الله، فإنهم لا يأخذون من السنة إلا بما وافق ظاهر القرآن.
ثم جاء من بعدهم العقلانيون المرتدون المرتزقة، الذين شككوا في كثير من السنة، وحكموا عقولهم عليها. ونسوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه) (1) .
وقد أنكر هؤلاء العقلانيون أحفاد المعتزلة ، حديث الآحاد في العقيدة، ورأوا عدم الأخذ به. وخالفوا أهل السنة في ذلك الذين يرون الأخذ به في العقائد، إذا صح سنده.
وحديث الآحاد الصحيح هو ما يرويه العدل الضابط عن مثله، من مبدأ السند إلى منتهاه، دون انقطاع أو شذوذ أو علة.
وقد وجد في الصحيحين كثير من أحاديث الآحاد التي قبلها المحدثون ولم ينكروها، حتى جاء هؤلاء المبتدعة فاخترعوا تلك القاعدة المقدسة عندهم: (لا يؤخذ بحديث الآحاد في العقائد).
وهذا معناه أن نلغي كثيراً من الأسماء والصفات التي ثبتت للمولى سبحانه وتعالى في أحاديث الآحاد، كالضحك، والعجب، وغيرها. ونلغي عدة مسائل في العقيدة ثبتت بهذه الآحاد.
وأما اتهام الرواة فإنهم لما عجزوا عن الطعن في ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم لأن ألفاظ المعصوم صلى الله عليه وسلم قوية بليغة فيها إعجاز، فطعنوا على الرواة واتهموهم بالاتهامات الشنيعة.
فمثلاً أبو رية ألف عن أبي هريرة واتهمه بالكذب. وقد دافع عن أبي هريرة كثير من علماء أهل السنة وردوا طعن ذاك الأفاك الأثيم.
فإذا سمعت الرجل ينادي بالقرآن فحسب فاتهمه بالبدعة. لأنه لا بد من: قال الله، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.
وذبح الإسلام بالنيل من المعصوم العظيم صلى الله عليه وسلم ومن جنابه الشريف، با لتعرض لآدابه، وسلوكه، ودعوته.
فقد أتوا لهذا المعصوم الذي اصطفاه الله وزكاه وطهر سمعه وبصره، وقلبه، ومنهجه، ودعوته، وأخلاقه، فاتهموا سيرته صلى الله عليه وسلم، لأنه إذا سقطت عدالته المعصومة صلى الله عليه وسلم سقط منهجه في الأرض.
وأنتم لستم في غفلة عما تعرض له صلى الله عليه وسلم من هجوم.
وآخر ذلك ما فعله المجرم سلمان رشدي لا سلمه الله ولا أرشده، وخذله، وأخذه أخذ عزيز مقتدر.
والعجب أن تأتي بعض الطوائف المبتدعة فتعلن الإعدام عليه في المنابر يوم الجمعة في طول بلادها وعرضها.
وأهل السنة لا يردون بكلمة، ولا يعترضون بخاطرة، ولا يرسلون برقية، ولا يغضب منهم غاضب، ولا يخطب منهم خطيب. وهو قد تعرض لإمام مسيرتهم: أتسأل عن أعمارنا أنت عمرنا وأنت لنا التاريخ أنت المحرر
وذبح الإسلام بالطعن في الصحابة والنيل من عدالتهم، وذكر ما شجر بينهم وتضخيم أخطائهم. وإذا رأيت الرجل ينال من الصحابة فاعرف أنه مبتدع، وأن في قلبه مرضاً.
قال ابن تيمية في منهاج السنة : لا يحق دفع الفيء إلى طائفة من الطوائف المبتدعة، لأنهم ما اتبعوا الصحابة بإحسان، لأن الله قال في أتباع المؤمنين: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ))
فأتى هؤلاء فنالوا من الصحابة، وهم الذين زكاهم الله واختارهم لصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فمن عظمة الصحابة أنهم استطاعوا أن يعيشوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأن يقدموا جماجمهم ودماءهم، وأن يحفظوا لنا السنة، وأن يحفظوا المنقول والمعقول. فهم أصدق الناس لساناً، وأكرم الناس، رضوان الله عليهم.
قال ابن حجر في الإصابة : والصحابة مزكون عدول كلهم. فكل من رأيت منهم فلا تبحث عن ترجمته، لأن الله قد زكاه. أما غيرهم فيزكيه يحيى بن معين ، أو أبو حاتم ، أو ابن حبان ، أو الذهبي ، أو ابن حجر .
وأما التاريخ الإسلامي، فقد ذبح بالدس فيه وإخفاء محاسنه وإظهار المساوئ.
فهم جعلوا تاريخنا كتاب الأغاني لـأبي الفرج الأصفهاني ، وكتاب المحاضرات للأصفهاني ، وكتاب المستظرف في كل فن مستطرف . ويقولون: انظروا.. فهذا هو تاريخكم.
فـهارون الرشيد كان يشرب الخمر وعنده الجواري ويستمع للغناء منهن. حتى كأنك إذا استمعت لترجمة هارون الرشيد في الأغاني تظن أن الرجل لا هم له إلا الغناء وشرب الخمر.
وهو الذي دوخ المشرق، وفتح الممالك، ودمر القلاع، بلا إله إلا الله، وأقام علم أهل السنة والجماعة ، وفتح الفتوح، وجند الجنود، واستشار العلماء.
ويأتون بـالمعتصم فيصورونه بين الهزل والمزح، والضحك مع المضحكين من حوله.
وما كأنه المعتصم الذي أخرق الجيوش، ودك المدن، حتى كانت هذه المدينة تحترق فيحرق بعدها المدينة الأخرى كما يقول أبو تمام:لما رأت أختها بالأمس قد خربت كان الخراب لها أعدى من الجرب
فهم يقدمون لنا التاريخ في صورة الحجاج ، و أبي مسلم الخرساني ، و المستنصر آخر الخلفاء، وكل ضائع ومناهض للتوجه الإسلامي الأصيل.
أما أهل اللموع والبطولات، كـأبي بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، و صلاح الدين ، و عمر بن عبد العزيز ، و نور الدين محمود ، فإنهم يخفونها ولا يبدونها للناس، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
أيها الإخوة الكرام.. يذبح الإسلام عموماً بوصفه بأقبح الأوصاف، وبأنه لا يلائم العصر. سبحان الله!
يقولون نخشى من حكم الإسلام لأنه لا يقبل التعدد، ولا يرى إلا الرأي الواحد. أما العلمانيون فيصلحون، وأما الديمقراطيون فينجحون، وأما الشيوعيون فأذكياء وعباقرة. أما المسلمون فلا نريدهم أن يحكموا أو يعلو صوتهم.
ويقولون: الإسلام لا يصلح إلا لفترة من الفترات، أما وقد وصل العالم إلى هذا التقدم الحضاري، فإنه لم يعد صالحاً للناس.
سبحان الله! ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)).
إن الذي أنزل الكتاب وهذه السنة هو من خلق البشر، وعلم ما هي احتياجاتهم إلى أن يبعثهم الله. وهم قد ذبحوا الإسلام في اللغة العربية كما قال حافظ إبراهيم :
رموني بعقم في الحياة وليتني عقمت ولم أولد وتلك وفاتي
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية وما ضقت عن آي به وعظات
اللغة العربية عدد ألفاظها أربعون مليون كلمة، واللغة الإنجليزية عدد ألفاظها أربعون ألف كلمة فقط! اللغة العربية تستطيع أن تعطيك في اللفظة الواحدة عدة مترادفات تدل على شيء واحد بخلاف غيرها. فلم تضق اللغة العربية ولم تعقم في يوم من الأيام عن أن تحتوي على ألفاظ تدل على المخترعات الحديثة، التي طعنوا بسببها في اللغة العربية.
وقد أثبتت مجامع اللغة العربية في السنوات الأخيرة ذلك، حيث جعلوا لكل مخترع جديد لفظاً يناسبه. كالسيارة، والطيارة، والسماعة ونحوها.
وذبح الإسلام أيضاً بالطعن في العلماء والدعاة، ووصفهم بالتخلف والتزمت وضيق النظرة. أما المجرم، وأما العنيد، وأما الذي يحارب الله ورسوله، فمعفو عنه، وأما هؤلاء فتعلق عليهم هذه الشعارات حتى يحارب الإسلام،
لأن مصادر التلقي عندنا هم أهل العلم، فإذا أبطلت عدالتهم فمن يهدي ومن يعلم، ومن يرشد الناس؟
ومما ذبح به الإسلام: الهزيمة النفسية وتعميمها في قلوب المسلمين، فيرى المسلم أن الغالب والقوي والمصنع والمخترع، والمكتشف، غيره. أما هو فلا يستطيع أن يقدم للبشرية شيئاً.
فنحن نعيش أزمة وهزيمة نفسية، حتى تجد أننا ننظر للغرب والشرق على أنهم دول غالبة متقدمة، كدول الفيتو. أما الدول الإسلامية فكما قال الأول:
ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستشهدون وهم شهود
فنحن نشعر الآن بهزيمة نفسية لأننا لا نستطيع أن نفعل مثل ما فعلوا. حتى لقد وصل الحال إلى القدح في التوحيد، حيث اعتقد البعض أنه لا يستطاع أن يغلب هؤلاء. حتى يشك أحدهم في قدرة الله عز وجل. ويأتي الأطفال فيقولون: هل يستطيع الله أن يغلب الاتحاد السوفياتي ؟
سبحان الله!
لقد دمرهم وأبادهم أمام أعيننا في لحظات كما قال سبحانه: ((وَالله غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)).
يقول أحد العلماء: إن انهيار الاتحاد السوفياتي تحت مظلة آية: ((وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)). فهو الذي يغير ولا يتغير سبحانه.
أيها الأخوة.. مما ذبح، الإسلام: إيجاد نخبة مستغربة الفكر، أجنبية العقل، تخلع هالة المعرفة والثقافة والذكاء عليها، وترطن بلغة الأجنبي، وتزعم الذكاء والعبقرية. وهم من أذل الناس ومن أغبى الناس، حيث سلطوا الكافر على أمتهم.
ومما ذبح به الإسلام: انشغال عامة المسلمين بالمعيشة فحسب من طعام وشراب، ومسكن وزواج، ووظيفة، فلا تجد من يفكر في هموم الإسلام إلا قليلاً. يشغلون المسلم منذ أن يصبح ومنذ أن يصلي الفجر وهو في همومه من ورشته إلى بيته، إلى طعامه، إلى ثلاجته، إلى أطفاله، يشتري، ويأكل ويبني، ويسكن. عنده عمارات، وعنده دور، وعنده دخل، وعنده فلوس، فقط همه المعيشة.
ليس معنى ذلك أننا ندعو إلى التجرد من الدنيا وتركها والانقطاع والرهبنة. لا.. بل ندعو إلى الاعتدال. فالصحابة زرعوا وتاجروا، ومع ذلك جاهدوا، وكانت أعظم قضية عند الواحد منهم لا إله إلا الله.
فمثلاً.. هل كان أبو بكر الصديق منذ الصباح يتفكر في الجمال وبيع البقر!؟
لا.. بل كان يتفكر كيف يقدم لهذا الدين وما هي الوسيلة التي يوصل بها دين الله.
أما الآن فالملايين المملينة من العالم الإسلامي يعيشون للمعيشة، حتى ضيق على العالم الإسلامي في معيشته ودخله، فأصبح يطارد لقمة العيش، فلم يعد يشتغل إلا بأطفاله ومعيشته وسيارته، ولا يتحرك للدين ولا يخدم مبادئ الله عز وجل.
ومما ذبح الإسلام أن أشغل الكافر المبتدئين من طلبة العلم بجزئيات المسائل، فيستفرغون الطاقة والجهد في هذه الأمور، على حساب الكليات.
فيأتي المبتدئون في أول طلب العلم فيتركون أصول المسائل، والكليات والقواعد العامة، فيشغلهم الشيطان في جزئيات قابلة للاختلاف من أمور الفقه، فيجعلها تستغرق حياتهم، فلا يرون في المسائل إلا هي.
وقد ذكر ابن القيم أن من منافذ الشيطان على العبد أن ينقله من الفاضل إلى المفضول. فما ظنك بمن ينقله إلى المفضول، ومعه الجدل والخلاف والتنابذ مع إخوانه؟
لقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن فأخبره بالكليات وبالقواعد العامة وقال: (ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا أجابوك لذلك وأطاعوك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة) (1) .
وأعني بالأوليات: تصحيح عقائد المسلمين التي رانت عليها البدع والخرافات في أكثر بلاد المسلمين، فلم يعودوا يفرقون بين التوحيد والشرك.
ولا أعني ما يعنيه بعض العاملين للإسلام من أن الأولويات هي جمع كلمة المسلمين وتجميعهم كيفما اتفق لمواجهة خطر الغرب.
لا.. فهذا لن يكون أبداً ما داموا لم يجتمعوا على عقيدة سلفية نقية لا مجال فيها للبدع والانحرافات، ولو كانت صغيرة. فليفهم ذلك.
ومما ذبح به الإسلام: انصراف كثير من العلماء إلى مسائل ثانوية من الترف العلمي، ككثرة الشروح للمتن، وافتعال المعارك الكلامية التي لا وجود لها في دنيا الواقع.
قد تجد بعضهم مثلاً يجلس في البيت ليشرح متناً في الفقه، وهذا المتن قد شرح عشر مرات قبله! فيتكلم على المسألة ثم يشرحها، ثم يحدث عليها إشكالات، ثم يكتب على الحاشية حاشية. والشباب والجيل، والنساء والأمة، تضيع ولم يخرج إليهم، ولم يجلس معهم، ولم يهدهم إلى النور الذي يحمله.
أيضاً مما ذبح به الإسلام: تخويف الرأي العام، من المارد الجبار الذي سوف يحرم على الناس كل شيء ويشقيهم ويدخلهم قفص النواهي والأوامر. قرأت مقابلة مع أحد زعماء الاشتراكيين في إحدى البلاد، وقد خرج بمظاهرة قوامها ستون ألفاً.
يقول: أخشى من هؤلاء أن يحرموا كل شيء!
نعم هم سيحرمون ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهي الخبائث التي تريدها أنت وأمثالك، ((وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)).
أنت تريد أن تشرب الخمر، وأن ترتكب المعاصي المختلفة، وهم ينهونك عنها ويبينون حكم الله فيها، فهذا الذي يجعلك تحذر من الإسلام.
ومما ذبح به الإسلام: عدم قيام كثير من الأمة الإسلامية بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام، حتى أن بعض العلماء عدها الركن السادس من أركان الإسلام. فأصبح الأمر والنهي مختصاً بطائفة قد لا توجد في كثير من البلاد.
فلذلك فشت المنكرات في الأمة، ولم يعرف غالب الناس الطريق الصحيح ليسلكوه بسبب غياب الأمر بالمعروف وما يتضمنه من الدعوة إلى الله بالحسنى.
ومما ذبح به الإسلام: امتصاص دمائه بواسطة الحروب التي تشتعل بين الحين والآخر في دياره، فما أن تنتهي حرب حتى تشتعل أخرى. لتنشغل الأمة بهذه الحروب عن مهماتها الأصيلة.
ومما ذبح به الإسلام: أنه ركن في زاوية من زوايا الحياة، ولم يعد يتدخل في كافة نواحي الحياة المختلفة. وهذه هي دعوة العلمانية التي أصابت بعض المسلمين فتوهموا أن مهمة الإسلام هي المسجد فقط.
وتناسوا أنه قد قاد أمماً بأكملها قبل أن يأتي علماني فاجر فيزيل حكمه عن رقاب الناس زمن الخلافة العثمانية.
ومما ذبح به الإسلام: أنهم أرعبوا الناس من كلمة (الجهاد)، فأصبح الجهاد في نظر الكفار هو: (الإرهاب)، وأما إرهابهم هم فلم يعد إرهاباً.
فسبحان الله! ((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)).
حتى رسخت هذه الفكرة وهي أن الجهاد قرين الإرهاب في ذهن السذج من المسلمين. ونسوا أن الجهاد هو مصدر عزة الإسلام وخوف الكافر. وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا كما هو مشاهد.
ومما ذبح به الإسلام: تقسيم أراضيه، وتمزيق أوصاله بحيث لا يجتمع أهله إلا بشق الأنفس، فيسهل تدميره وإذلاله.
ولم يكفهم هذا. بل أشعلوا الحروب والفتن بين هذه الدولة وتلك بواسطة الحدود المزعومة ليجعلوا الأمة لا تنتهي من زمن الفتن والويلات.
ومما ذبح به الإسلام: إيهام الناس بأن الاقتصاد لا يقوم إلا بالربا، وأن الاقتصاد الإسلامي لا يستطيع أن يواكب الحياة المعاصرة التي قامت على الربا.
ليشككوا المسلمين في أصالة دينهم وقدرته على إيجاد الحلول في كافة المجالات.
ومما ذبح به الإسلام أخيراً، وهو سنة قديمة تتجدد، هو الاستهزاء بالصالحين والملتزمين، من بعض الناس هداهم الله.
وما علموا أن سعادة الأمة ونجاتها في الالتزام بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وبدينه العظيم، الذي أوحاه الله إليه، وأنزل مبادئه من فوق سبع سموات.
هذه بعض المذابح التي ارتكبت في حق الإسلام ذكرتها باختصار، لعل مسلماً أن يقوم بواجبه في الدفاع عن دينه وفي إيجاد الحلول لتلك المذابح قبل أن يفوت الأوان.
أسأل الله أن يعز دينه، ويرفع رايته على الأرض. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire