إن حالة البلاد تتدهور يوما بعد يوم على كل الأصعدة ومصير الثورة يذهب في مهب الرياح. والثورة المضادة في الدّاخل و الخارج تبرز بكل وضوح وتستعمل عصابات من مجرمي الحق العام، تلبس أحيانا ثياب المناضلين السياسيين و تعتدي على الأشخاص و المكاسب.
والحكم القائم رغم إقراره بأنه وقتي وانتقالي هو حكم فعلي حقيقي، وكل الظواهر تدل أنه يتقمّص كافة مسؤوليات حكم البلاد ويتعهد باسمها بالالتزامات المالية الخارجية البعيدة المدى ويقوم بتسمية الوزراء وسامي الموظفين والولاة و القضاة وجنرالات الجيش والسفراء والضباط السامين في الشرطة والحرس الوطني. كما أنه يتصرّف في الأموال العمومية ويباشر إشرافه على الجيش والبوليس وأجهزة الإعلام السمعية والبصرية ويأذن بالتتبعات العدليّة ،وذلك بدون منازع ومعارضة قانونية.
أمّا الأحزاب السياسية والمنظمات المهنية والجمعيات المختلفة، التي من المفروض أن تمثّل المجتمع المدني وأن تقوم بدور السلطة المضادّة ذات مصداقية، فإنها، في أغلب الحالات ،تمّ بعثها بين عشية وضحاها "لغاية في نفس يعقوب" أو تحصّلت على الترخيص الإداري بسرعة وسهولة مريبتين ،وكان القصد منها تشويه صورة تعدد الأحزاب والمس من مصداقية النظام الديمقراطي نفسه عند المواطنين.
هذا وينبغي أن نذكر في هذا الصّدد دور المال الذي خلفه بن علي أو المال الآتي من مصادر أخرى – فهو مال يصبّ بالكم الكبير لتفعيل الثورة المضادة - كما يصبّ في تعمير خزينة بعض الأحزاب والتنظيمات والجمعيات لأغراض ليست في كل الحالات بريئة ولا مشروعة. وكل هذا لا ينبئ بالخير في المستقبل بعد انتخاب المجلس التأسيسي.
ومن حقي كمواطن مستقل متحرر من كل التزام من حقي التعبير علانية عن رأيي في الموضوع مما يحمّلني ويلزمني من الآن الإعلان للملأ عن معارضتي الصريحة والشديدة - معارضة سياسية سلمية بعيدة عن العنف- ضدّ هذا التمشي للحكم وأذنابه وأتباعه من الطبقة السياسية. وهو تمشي من شأنه أن يعرقل قيام دولة القانون والنّظام الديمقراطي ويمس بالمصالح العليا لبلادنا عاجلا أو آجلا.
أحمد المستيري، 22 جويلية 2011
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire