dimanche 13 novembre 2011

حمادي الجبالي في حوار مع «الصباح»




أجرى الحوار صالح عطية


المفاوضات حول «الرئاسيات» لم تحسم.. لكنها لن تتجاوز نهاية الأسبوع

لن نقبل تدخلا في شؤوننا من أي كان لأن ثورة الكرامة مطلب عزة وسيادة.. ـ أولويتنا للملفين الاقتصادي والاجتماعي.. وعيننا على الدستور والقوانين السياسية ـ هكذا تغير الموقف الفرنسي.. ونتجه لعلاقات أرحب مع باريس ـ التعاون مع «العريضة الشعبية» يحدده الائتلاف الثلاثي..



ـ أمام ضغط مواعيده، وامتلاء روزنامة اجتماعاته الماراطونية التي تبدأ من الثامنة صباحا الى غاية منتصف الليل...

لم يكن ممكنا إجراء حوار مع السيد حمادي الجبالي، الأمين العام لحركة النهضة، ومرشحها لرئاسة الحكومة، الا خارج هذا الحيز الزمني.. فكان أن اتفقنا على توقيت السادسة صباحا (أمس)..
التقيت الرجل في بيته بالقرب من العاصمة، وجدته في جهوزية تامة بـ«لباس إداري»، على أهبة الاستعداد لأي اجتماع أو موعد..
وعلى الرغم من التوقيت الصباحي، فقد كانت اسئلة «الصباح» محرجة تطرقت الى نتائج مفاوضات تشكيل الحكومة والتعقيدات التي ترتبط بها، وعن حظوظ السيد الباجي قائد السبسي في الانتقال الى قصر قرطاج، وعن أولويات الحكومة القادمة، وقضية التداين الخارجي، والعلاقة مع قطر، والاشكال مع فرنسا، ومستقبل الشراكة مع أوروبا، وأفق العلاقة مع «العريضة الشعبية» والنظام السياسي الممكن لتونس، وغيرها من الموضوعات التي تقرأونها في هذا الحوار الذي خص به «الصباح»..

أجرى الحوار صالح عطية
إلى أين وصلت مفاوضات تشكيل الحكومة إلى حد الآن؟

أعتقد أننا تأخرنا قليلا، المفاوضات لم تصل بعد إلى مرحلة الحسم في مستوى الرئاسيات.. هناك موضوعات أخرى هامة، لكن أعتقد أن هذا الأمر بالغ الأهمية.. لقد تعاملنا مع المفاوضات وفق ثلاثة مسارات، ثمة ثلاثة وفود تشكلت من الأحزاب الثلاثة (النهضة والمؤتمر والتكتل)، وفد سياسي وآخر قانوني ووفد ثالث اقتصادي واجتماعي، والوفود الثلاثة بدأت المناقشات وهناك تقدم واضح في هذا المجال، وبطبيعة الحال قيادة الأحزاب الثلاثة هي التي تنظر في مسألة المواقع المتقدمة، وأعني بذلك رئاسة الدولة ورئاسة المجلس التأسيسي ورئاسة الحكومة، بالإضافة إلى وزارات السيادة.. وكما تعلمون، كان لدينا اتفاق مع شركائنا منذ ما قبل الانتخابات، بأن يتولى حزب الأغلبية مهمة رئاسة الحكومة، فيما تكون رئاسة المجلس ورئاسة الدولة موزعة بين شريكينا..

هي عملية محاصصة حينئذ؟

قطعا لا.. لأن الاتفاق بشأنها تم قبل الانتخابات، كان هناك اتفاق مع قيادتي المؤتمر والتكتل على هذا الامر، وهذا معمول به في أعرق الديمقراطيات..
المهم اليوم أن نتوصل في أفق نهاية الأسبوع الجاري إلى اتفاق بشأن الرئاستين، ليس فقط على مستوى المواقع، ولكن على صعيد الصلاحيات والمهام بين المؤسسات الثلاث: الحكومة والمجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية.. سنحاول تذليل الصعوبات الموجودة، ولابد أن نصل إلى اتفاق في نهاية الأسبوع بحول الله..

أين يكمن الخلاف تحديدا في هذا المجال؟

صراحة، لا يمكنني الإفصاح حاليا عن أية معطيات بهذا الخصوص، فلابد من احترام شريكينا من ناحية، ولابد من إعطاء المفاوضات والمناقشات بينهما الوقت الكافي، وأن تبقى مسألة داخلية من ناحية أخرى في انتظار الحسم النهائي الذي نقدّر أنه لن يستمر أكثر من نهاية الأسبوع الجاري، حيث سيتضح كل شيء تقريبا..


* هناك من يتحدث الآن عن أن مصلحة الدولة تقتضي الرهان على قدر من الاستمرارية في الحكم، ويعتبر البعض أن الإبقاء على السيد الباجي قائد السبسي، ضرورة لطمأنة الغرب الذي قد يتوجس خيفة من حصول قطيعة بين مرحلتي الحكم الانتقالي الراهنتين..

أنتم في حركة النهضة، كيف تنظرون في هذا الموضوع؟
المنطق يقول أن المواقع الثلاثة العليا في الدولة، لابد أن تكون محل اتفاق بين الأطراف الممثلة للحكم حاليا.. ولاشك أننا سنراعي مصلحة البلاد في كل ذلك.. الأمر لا يتعلق بمحاصصة كما أسلفت الذكر، ومدار نقاشاتنا حول مصلحة الدولة ومصلحة شعبنا، خاصة وأن الموضوع يتعلق بمدة زمنية لا تتعدى العام.. فنحن نقدم أفكارنا ومواقفنا، ونقترح الأسماء، لكننا نحترم الطرفين الشريكين لنا، لكن ما أؤكده أننا جميعا ندير الحوار من منطلق المصلحة الوطنية.

سي حمادي، الآن الحكومة القادمة تواجه استحقاقات اجتماعية واقتصادية صعبة: توقعات بعجز مالي قد يصل إلى %6 في 2012، حجم البطالة بلغ 700 ألف نسمة، قطاع سياحي متدهور، قدرة شرائية ضعيفة لقسم واسع من التونسيين، ما هي أولويتكم في المرحلة المقبلة، هل لإعادة هيكلة الدولة ـ كما يطالب البعض ـ أم للانكباب على هذه الملفات أولا؟

موقفنا في حركة النهضة ذو منحيين إثنين: لدينا أولوية صياغة الدستور في إطار المجلس التأسيسي، ونحن نعتقد أن للمجلس مهمة رئيسية انتخب من أجلها، وهي وضع دستور للبلاد، قد نستفتي عليه شعبنا، وهو ما سوف يقرره المجلس التأسيسي، ثم نبني ـ انطلاقا من هذا الدستور ـ القوانين المنظمة للحياة السياسية، أي القانون الانتخابي وقانون الأحزاب وقانون الصحافة.. لاشك أن هناك مشاريع قوانين قدمت وصادقت عليها الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ونحن نعتبرها مشروعات رأي يستأنس بها، ولن نرى مانعا إذا ما اعتمدها المجلس التأسيسي مجددا، لكنها غير ملزمة له، إنما سنأخذها بعين الاعتبار، خصوصا وقد شارك في إعدادها مهنيون وقانونيون وخبراء وحقوقيون.. وبطبيعة الحال سنذهب بعد ذلك إلى الانتخابات، وفقا لشكل النظام السياسي الذي سيقره المجلس التأسيسي وينص عليه الدستور، فإما نظاما برلمانيا، أو رئاسيا أو نظاما مزدوجا، وإثر ذلك نسلّم المهمة لمن سيختاره شعبنا..
لا شك أن ثمة إصلاحات سنشرع فيها تخص العدالة الانتقالية، إذ لابد من رسالة تبعث إلى الثوار وإلى شعبنا، وهناك قطاعات ستطالها الإصلاحات مثل الإعلام والتعليم والصحة وغيرها، هذا شأن المجلس التأسيسي..

وبخصوص الحكومة...

شأن الحكومة يتمحور أساسا حول الملف الاقتصادي والاجتماعي، من خلال إجراءات عاجلة، تخص الحد من البطالة والملف الصحي والصناديق الاجتماعية والقطاع السياحي، الذي سنوفر له الظروف الملائمة لكي ينطلق لإنقاذ الموسم القادم.. هذه مهمة الحكومة بالأساس، إلى جانب مهمتها السياسية، لكن لن نفتح الملفات الكبرى في هذه المدة الوجيزة على حساب الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا في الجهات والولايات التي لم تعد أوضاعها تحتمل المزيد من الانتظار..

حكومة الباجي قائد السبسي «تهربت» من مسألة التداين الخارجي.. وأمام العجز المرتقب في الموازنة التونسية الذي يتوقع أن يستمر حتى نهاية 2012، ستجدون أنفسكم أمام تعقيدات مالية كبيرة.. هل تلجأون إلى التداين الخارجي، أم لديكم سياسة أخرى في هذا المجال؟

سنحاول ألا نثقل كاهل بلادنا بالديون.. سوف نعتمد على الاستثمار المباشر ما أمكننا ذلك، وأنا متأكد، أنه بتحسن الوضع السياسي والأمني، وإذا ما لم نواجه بوضع اجتماعي معقد، فإن إرادة الاستثمار في بلادنا كبيرة وواسعة، من الغرب والشرق ومن مختلف القارات.. قبل الاقتراض نريد أن نذهب إلى مصادر الدعم المباشر لتمويل مشاريعنا ومواجهة العجز المالي الراهن، وسنعتمد على مصادر أخرى مثل التمويل الذاتي، وعبر التمويل الخارجي، من خلال صكوك ائتمان وصكوك استثمار في مشاريع مباشرة.. ثمة صكوك أبدى أصحابها استعدادا للدخول في مشاريع البنية التحتية (الطرقات السيارة ـ المستشفيات الضخمة.. إلخ..)، ولدينا نوايا استثمار في هذا المجال من الغرب قبل الشرق..  فإذا كان لابد من قروض، فسنختار أيسرها وأخفها، حتى لا نثقل كاهل البلاد، وحتى لا نحرج الحكومات التي ستعمل خلال السنوات القادمة..
وأتصور أننا سنصل مع المؤسسات المالية، الإقليمية والدولية التي تتعامل معها تونس منذ عقود، على غرار البنك الإفريقي للتنمية، والبنك العالمي ومؤسسات أخرى، إلى صيغ من شأنها إعطاء متنفس للاقتصاد التونسي، ومن دون إغراق ميزانية الدولة بديون إضافية..
ولاشك أنه بتركيز الحكم الديمقراطي والرشيد في بلادنا، واعتماد الشفافية في جميع تعاملاتنا، وتقديم صورة على نهوض ديمقراطي في تونس، سنكون أمام فرص استثمار وتعاون واسعة، لأن الغرب عموما يرغب في تشجيع المسار التونسي من الناحية السياسية (الآنية) والاستراتيجية، ولا يريد إفشاله..

في هذا السياق، يطرح البعض موضوع العلاقة بين حركة النهضة ودولة قطر، وهناك بعض الجدل بخصوص ما يتردد عن تدخل قطري في صياغة مستقبل تونس، هل أن الدوحة تمثل وجهة سياسية ومالية بالنسبة للحكومة القادمة؟

طالعت مؤخرا بعض ما كتب في هذا المجال، ولمست حساسية غير مبررة في هذا السياق، لأننا كنا واضحين منذ البداية.. العلاقة مع قطر على المستوى الاقتصادي والمالي، ليست بين حركة النهضة ودولة قطر، ونحن امتنعنا أن تكون لدينا علاقات مالية مع أي دولة أو جهة.. العلاقة سوف تكون بين الدولة والدولة، بين الحكومتين، ومن موقعنا في الحكم، سوف نبحث عن دعم التجربة التونسية الجديدة، ودعم اقتصاد بلادنا، من كل الأصدقاء، دولا ومؤسسات، ومن بين هذه الأطراف دول الخليج، ونحن لا نفرق بين أحد من هؤلاء، على العكس من ذلك تماما، فنحن سنتجه نحو دول شقيقة، ابتداء من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والكويت وتركيا، سنتعامل معها على أساس أن هذه تجربة ديمقراطية وليدة تحتاج إلى دعم الاستقرار والأمن فيها، وهذا يدخل ضمن المفهوم الواسع والعميق للأمن القومي العربي.. ولا نتصور أن إخواننا في المنطقة غافلون عن هذا.. ولذلك ليس لدينا تفاضل بين هذه الدول.. بل إننا سنوسع من دائرة اتصالاتنا وعلاقاتنا بدول آسيوية وإفريقية وعربية، بعيدا عن التحالفات المريبة والمشبوهة..
وأقول لك حقيقة، أننا لن نلمس أي محاولة أو حتى مجرد النيّة للتدخل في شأننا الوطني من دولة قطر أو من غيرها، بل إننا لن نسمح بذلك إطلاقا، فشعبنا أنجز ثورة لكـــي يستقل بقراره وسيادته، لا يكون تابعا لهذا الطرف أو لذاك.. شعبنا ثار من أجل كرامته، وعزة تونس واستقلال قرارها في قلب هذه الكرامة.. لكن وضعنا يقتضي تضافر جميع الجهود، الداخلية والخارجيـة، لأننا بصدد مصالح دولتنا وشعبنا، وبالتأكيد سيكون لشفافية معاملاتنا مع الآخرين، دور فعال في حصول الدعم لتونس، التي لن تكون مختلف أشكال الدعم محل شكوك، أو مدخلا للفساد الذي عرفناه مع العهد البائد..
فقطر، دولة شقيقة، لديها رغبة في دعم الثورات، وفي مقدمتها الثورة التونسية، لكن ليس عن طريق الأحزاب، إنما عبر الدولة التونسية..

دعني أضيف إلى الملف القطري، المشكل مع فرنسا، التي بدت حذرة من التعامل مع نتائج الانتخابات ومن صعود  حركة النهضة للحكم.. كيف ستتعاملون مع هذا الملف الهام؟

الشعب التونسي بثورته، بعث برسالة واضحة لجميع الأطراف، ووجه لومه للتجمعات والدول التي ساندت الديكتاتورية، وهذه الرسالة وصلت الغرب والاتحاد الأوروبي تحديدا، بل إن البرلمان الأوروبي كان قد قدم ورقة انتقد فيها مواقفه، كما صرح الأوروبيون بكونهم لن يسمحوا ـ بعد اليوم ـ بدعم الديكتاتوريات، وسيكون الشرط السياسي لدعم الديمقراطيات الناشئة هو المدخل لأي دعم اقتصادي ومالي.. وأتصور أن الأوروبيين استخلصوا الدرس..
قامت الثورة حينئذ، وأنجزت الخطوة الهامة، وهي الانتخابات، والشعب التونسي قال كلمته بوضوح عبر صندوق الاقتراع، فلا يحق لأحد أن يقول للشعب التونسي أخطأت وسوف أضعك تحت الامتحان على خيارك، فلا يمكن لأحد أن يعلـّم الشعب التونسي كيف ومن يختار.. لكننا نفهم ونتفهم الحساسيات والخلفيات، بل إنه صلب الموقف الفرنسي، رأينا تطورا مهما للغاية، كان عبّر عنه رئيس الدبلوماسية الفرنسية، آلان جوبيه، من خلال اتصاله برئيس الحركة، الأخ راشد الغنوشي، حيث هنأ الشعب التونسي بنجاح انتخاباته، وعبر عن استعداد فرنسا لدعم التجربة التونسية، ونحن نعتبر ذلك رسالة فرنسية إيجابية..
إننا نتفهم الوضع الداخلي الفرنسي قبيل الانتخابات القادمة، والتجاذبات وضغوط الأحزاب والمنظمات والرأي العام في فرنسا، لكن على غيرنا أن يتفهم وضع تونس أيضا، ونتمنى أن لا تكون التوازنات الفرنسية الداخلية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هي النافذة الوحيدة التي يطلون من خلالها على تونس.. الأصل أن يدعم الجميع تجربتنا التونسية ولا يضعون شعبنا أو دولتنا تحت التجربة... وأعتقد أننا تجاوزنا هذا الأمر مع فرنسا التي تعدّ صديقنا التقليدي، فلدينا روابط متينة معها،  اقتصادية واجتماعية وثقافية، لدينا جالية تونسية مهمة هناك، ويربطنا جوار بالغ الأهمية مع باريس، وثمة أيضا تقاليد وتاريخ معها، ونحن نريد أن نبني صفحة جديدة قوامها الاحترام وتبادل المصالح، وفرنسا مرحّب بها أكثر من المرحلة السابقة..

حتى نغلق القوس الأوروبي، البعض يطرح عليكم ضرورة مراجعة اتفاقية الشراكة التي تربطنا مع أوروبا، هل لديكم نيّة في ذلك؟

بالتأكيد سنراجع كل ما من شأنه أن يدفع إيجابيا العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي.. أوروبا اليوم ترغب في التعاون مع نظام ديمقراطي فعلا، ومصالحها الأمنية ذاتها تقتضي منها التعاون معنا، ونحن نتفهم ذلك، ولديهم كامل الحق في الخشية على مصالحهم، بل نحن نضع ذلك ضمن سياق الأمن الإقليمي والجهوي والدولي، لكننا نريد أن ننزع عن شراكتنا مع أوروبا كل ما يتعلق بتفاضل لعائلة أو شخص أو أشخاص.. والأوروبيون يرغبون في التخلص من تركة بن علي، ونحن على استعداد تام لذلك، بل نحن سنسعى إلى وضع «الشريك المميّز»، وأعتقد أن الشروط توفرت الآن للذهاب في هذا الاتجاه، من أجل شراكة واضحة ووفق قواعد متينة تحترم شعبنا وتراعي مصالحه.

لا يمكن أن نجلس الى السيد الجبالي في هذا التوقيت، ولا نسأل عن علاقتكم مع «العريضة الشعبية» بعد أن باتت القوة الثالثة في المجلس التأسيسي.. هل ستتعاملون معها على مستوى التفاوض بخصوص تشكيل الحكومة مثلا؟

نحن الآن واضحون.. فنحن نخوض المفاوضات في إطار ثلاثي (النهضة ـ المؤتمر ـ التكتل)، وهي أطراف كان لنا معها تاريخ، سواء في اطار «تحالف 18 أكتوبر» أو خارجه... نحن نفهمها جيدا، ونعرف ماذا تطرح وهم يعرفون طروحاتنا، وهذه أحزاب سياسية... خيارنا كان هذا.. نريد أن نوسع إطار المشاورات والشراكة، لكن على أساس الوفاق مع شركائنا، وهذا كان اتفاقنا مع المؤتمر والتكتل قبل الانتخابات..
«العريضة الشعبية» اختارها قسم من شعبنا، ونحن نحترم خياره ونرحب بهم في المجلس التأسيسي، وهم حاليا ممثلون للشعب، أما التعاون مع هذه الكتلة، فلا بد أن تبحث داخل حركة النهضة ومع شركائنا أيضا...

على ذكر 18 أكتوبر، هل ثمة نية للتفاوض مع الحزب الديمقراطي التقدمي، شريككم في التحالف السابق؟

كان الباب مفتوحا أمام الديمقراطي التقدمي، وهو الذي أغلقه، واختار المعارضة وهو الذي حدد موقفه بالابتعاد عنا وليست حركة النهضة..

هناك تساؤلات بخصوص العلاقة بين الرئاسيات الثلاثة، سيما بين رئاسة الحكومة  ورئاسة الجمهورية، خاصة على مستوى الصلاحيات...

هذا مهم، وعندما حدثتك آنفا عن المواقع، لم أكن أقصد الحقائب، إنما الصلاحيات.. ولا نخفي في الحركة أن تكون رئاسة الحكومة والحكومة ذاتها، تتوفر على المسؤولية الأولى على ادارة الدولة.. لكن هناك بعض المفاصل لا بد من توضيحها.. فنحن لا نميل الى نظام رئاسي، وهذا قلناه لشريكينا بوضوح، ونحن نناقش الموضوع بصراحة..

تطرحون النظام البرلماني، فيما البعض يتخوف منه، على خلفية كونه مجلبة لعدم الاستقرار السياسي والحكومي...

نحن نريد أن نقطع مع الأسلوب الرئاسي، ومع كل ما من شأنه أن ينزلق بنا إلى الحكم بطبيعة رئاسية قد تحيلنا على الديكتاتورية..
وحتى الأسلوب المزدوج (رئاسي ـ برلماني) يتضمن مطبات قد تنزلق بنا الى حكم طاغوتي جديد.. أعطيك مثالا على ذلك: إذا كانت الأغلبية في البرلمان، ومنها رئيس من ذات الحزب، فإن النظام المزدوج بهذا الشكل لن يكون له معنى.. وإذا كانا من حزبين، فان امكانية التعايش صعبة، وقد رأينا ذلك في فرنسا في وقت سابق (رئاسة شيراك للدولة ورئاسة جوسبان للحكومة)، وهكذا تتعطل الدولة أكثر، حيث سيكون هناك تجاذب بين الطرفين من منطلقات حزبية، في وقت يكون النظام البرلماني أخف ضررا حتى وان كان الرئيس من حزب الأغلبية لانه في هذه الحالة ستكون له صلاحيات شرفية، فيما تكون الحكومة مسؤولة امام البرلمان الذي هو ممثل للشعب، وهو الذي يشكل الحكومة ويراقبها ويحاسبها وله سلطة حلّها..
صحيح ان هذا يحتاج الى تقاليد، فلم لا نكتسب تقاليدنا عبر الممارسة ونصنع تجربتنا؟!

لو سمحت لي بأسئلة برقية:
أول خطاب سيتوجه به رئيس الحكومة الجديد الى الشعب التونسي، ماذا ستقولون فيه؟
أننا سنحقق مطالبه في وضع دستور جديد لأنه القاعدة لبناء النظام الديمقراطي، وبالتالي مدخل سياسي لحل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية.. فالتجربة أثبتت ان الديكتاتورية لم تأت بالتنمية او العدالة الاجتماعية، ولا أحد بامكانه اليوم ان يطالب بالخبز ويستنكف عن السياسة، فالسياسة هي التي حرمت جزءا هاما من شعبنا من الخبز، بل أفسدت عليه عيشه وحياته، لذلك لندخل باب الديمقراطية التي تعني: الشفافية والمحاسبة، والمال العام مراقبا، وتوزيع الثروة عادلا، وعدم احتكار الحكم والمال والنفوذ، والتداول على السلطة، وقضاء مستقلا وصحافة حرة ومحكمة دستورية ومحكمة إدارية.. هذا هو الباب / المفتاح للتنمية الاقتصادية، ونحن نريد إنجاز ذلك بحول الله..
وسأؤكد لشعبنا أننا سنحقق له ما أمكن من مطالبه في التنمية العادلة، وإنهاء قوس الجهات المحرومة، وتوفير فرص العمل، وإعادة تنشيط الاستثمارات وفق قواعد ثابتة..

أول زيارة خارج تونس؟

أنا أميل الى زيارة أشقائنا في ليبيا والجزائر، ثم إخواننا في السعودية، والدول الحرة التي ساندت ثورة شعبنا العظيمة.. مازلت لم أدخل قصر القصبة لكن هذه تطلعاتي، وأنا أتحدث اليوم كأمين عام لحركة النهضة..

أول قرار سياسي ستتخذونه؟

قرارات عديدة، لكن في مقدمتها أن تكون الميزانية القادمة خارج التقاليد المتعارف عليها.. ميزانية تلبي مطالب شعبنا وجهاتنا المحرومة وشبابنا المعطل عن العمل.. أكاد أقول أننا نرغب في «ميزانية ثورية»..

لم تحدثنا إطلاقا عن التجربة التركية، وأنتم ممن ارتبطت حركتكم بنموذج الحزب الحاكم في تركيا..

بالتأكيد سنستفيد من التجربة التركية التي نعتبرها مقاربة جيدة في أولويات المجتمعات، أردوغان دخل من بوابة الاقتصاد والتنمية والاستجابة لمطالب شعبه، ففتح الأسواق لبلاده واخترق آسيا وافريقيا والعالم العربي.. في تركيا، المجتمع التركي حصن نفسه بفضل التضامن الواسع بين فئاته، والنسيج الجمعياتي الهائل، ونحن سنستفيد من هذه التجربة ومن غيرها أيضا..

مصدر الخبر : الصباح التونسية
 



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire