أعلمت إدارة إذاعة المنستير اليوم الصحفية عواطف الجبالي بقرار إيقافها عن العمل حيث كان من المفروض أن تقدم على الساعة الثامنة مساء برنامجها الأسبوعي المباشر “مدارج جامعية“، وتأتي هذه الخطوة إثر تخصيص الصحفية الدقائق المتبقية من برنامجها ليوم الأربعاء “الرأي العام يسأل” للحديث عن واقع الإعلام الإذاعي العمومي بشكل فاجأ الجميع إذ فنّدت كل ما يقال عن أجواء ديمقراطية داخل الإذاعة وشدّدت على أن الأوضاع لم تتغيّر، فالإدارة تماطل في بعث هيئات تحرير منتخبة ولم تُـبْدِ أيَّ تَعاون يذكر مع المطالب النقابية المهنية الداعية إلى فصل التحرير عن الإدارة حفاظا على استقلالية الخط التحريري للمؤسسات العمومية وحمايته من التجاذبات السياسية والأهواء الشخصية.
عواطف الجبالي تحدثت كذلك عن تواصل الهرسلة والتضييق على الحريات داخل إذاعة المنستير مقدّمة نماذج من واقع تجربتها الشخصية إذ أوقفت الإدارة بدون مبرّرات مهنية واضحة وموضوعية برنامجها “من ذاكرة الجمر” الذي خصصته لاستعراض ذكريات المساجين السياسيين مع أقبية التعذيب والمعتقلات والزنازين الانفرادية. وقد نوهت عواطف الجبالي في كلمتها أنها ما كانت لتقدم على هذا لو حرصت إدارة إذاعة المنستير على أن تتعامل مع منتقديها بروح ديمقراطية لا تعسّفية.
ويذكر أن مدير إذاعة المنستير قد تدخل في برنامج مباشر يوم الثلاثاء ليندّد بالفيديو الذي يتداوله مستخدمو الشبكة الاجتماعية فايسبوك تحت عنوان “إعلام العار” وفيه مقتطفات من ريبورتاج إذاعي تمّ تسجيله بماخور وفيه بعض التفاصيل التي كان من الممكن الاستغناء عنها تجنبا لخدش حياء المستمعين في واضحة النهار، المدير جميل بن علي تجاوز مجرّد التنديد ليشير إلى مؤامرة تُحاك ضدّه موجها أصابع الاتهام بشكل صريح ومباشر إلى أطراف من داخل الدار.
الصحفية عواطف الجبالي هي من جيل الصحفيين الشبان الذين التحقوا بالعمل الإذاعي في العشرية الأخيرة وقد امتازت برامجها بالدقة والعمق والانحياز إلى هموم الفقراء والمحتاجين بما جعلها عرضة لعديد المضايقات في العهد السابق، إذ تمّ بتدخّل مباشر وسافر من السلطة الجهوية ممثلة في والي المنستير السابق حرمانها من مواصلة تقديم برنامج “من المسؤول” الذي تَخصَّصَ في طرح قضايا المواطن الحياتية، أمّا مدير إذاعة المنستير الحالي والذي انتهت بمهمته بعد البيان الذي أصدره الرئيس المدير العام في هذا الصدد فهو أيضا متعاون خارجي وقد اختصّ في العهد السابق بتقديم برامج ثقافية تراثية بإذاعة المنستير والإذاعة الثقافية.
إقصاء الصحفية عواطف الجبالي على خلفية إصداعها برأيها ليست الحادثة الأولى إذ سبقتها عمليات إقصاء مماثلة استهدفت أصواتا إذاعية معروفة بالجدية والكفاءة كما شهدت مؤسسة الإذاعة التونسية في الآونة الأخيرة عمليات تتبع تأديبي في حق صحفيات من الإذاعة الثقافية والإذاعة الوطنية وإذاعة صفاقس بسبب مطالبتهن بوضع حدّ لمهام المديرين المؤقتين والدخول فعليا في إجراء إصلاحات عميقة وحقيقية في قطاع الإذاعة العمومية تقوم على تشريك مختلف الأطراف في صياغة الخط التحريري والسهر على تنفيذه في هياكل ديمقراطية وشرعية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire