الوداع و بدون مجاملة

بدون مجاملة البرنامج الذي كنا وددنا أن يكون برنامجا ثقافيا متميزا يكون لنا فرصة سعيدة لتهذب الأذواق و يعطينا بصيصا من الجمال الروحي و الأخلاقي ، و يطلعنا على ما هو جديد في الساحة الثقافية من مسرح و سينما و موسيقى و رقص و أدب و شعر و فن تشكيلي و فن إبداعي في الملبس و المأكل و المسكن ... برنامجا من المفروض أن يجعلنا نحلم بعالم آخر جميل ... ويدهده على قلوبنا المضنية بأتعاب الحياة اليومية ... و التي ملت من التجاذبات السياسية العقيمة التي ماانفكت أن ملأت جميع الفضاءات السمعية البصرية... و أشرطة أنباء مسائية ملأت علينا الدنيا يأسا و إحباطا .

لقد انتظرت زمنا طويلا هذا البرنامج الثقافي و أخيرا ظهر برنامجكم. و كنت على شغف للإطلاع على ما كل هو جديد و جميل... و لكن مع الأسف الشديد  ما راعني إلا أن أشاهد في كل مرة برنامجا طويلا مملا . يدور محوره الأساسي على الفتنة بين الفنانين . كثيرا ما يترك  جوهر الموضوع ليهتم بأحداث تافهة .

عوض أن نتطلع على الموسيقى الأندلسية و المألوف التونسي و مقارنته مع المألوف الجزائري و الآلة المغربية مثلا... كان حضنا في  التجاذبات التي صارت في الراشدية ...

عوض أن تتحدثوا عن فلم الجديد للشوقي الماجري : تحملناكم ما يقارب نصف ساعة كاملة للحديث عن موضوع آخر ليس له اي علاقة بالفن و السينما  و الإبداع و الجمال ... اغتصاب فتاة في شهر سبتمبر ؟ و هي عملية مفتعلة من قبل حزب سياسي لتشويه سمعة الأمن الوطني ... مع كل ما جاء من وقاحة وقلة أدب الصحافية النجمة تجاه شخص السيد وزير الثقافة.... و من برودة دم وأدب و رفعة أخلاق الضيوف الذين حضروا البرنامج، و تحملوا هرجكم و مرجكم، الساقط الهابط.

 عوض الحديث عن برنامج مهرجان سوسة للموسيقى ؟ من شارك فيه من الموسيقيين ؟ من أي بلد أتت هذه الفرق التي أحيت هذا المهرجان ؟؟ ما هو نمط الموسيقى التي عرضت فيه طيلة أسبوع كاملة ؟ لا احد يعلم . لأن صحافيتكم لا يهمها هذا الأمر , الذي ألفت نظرها هو ثمن كلفة ترميم متحف سوسة ...

هذا من حيث المستوى الثقافي و الخلقي و المحتوى الفارغ الأجوف الذي يشخشخ فيه الريح مثلما يشخشخ في رؤوس التماثيل التي لم تزورها في المتحف... متحف سوسة.

الى أن جاءت الضربة القاضية لبرنامجكم هذه الليلة . و لقد تعجبت من أن جميع الحاضرين الدائرين حول الطاولة   يدعون السيد الوزير باسمه ؟..."ّسمير" و كأنه زميل من الزملاء  التقنيين : مصور أو فني صوت أو شيء من هذا القبيل...  بينما كان هو يخاطبهم بكلمة سي فلان , في كل مرة ...

ثم و كالعادة ينزل بنا المستوى الى الحضيض لأتي هذا الممثل البطل و يقع ما وقع ...

 الوداع .  الله أسأل أن يصلح حالكم و حال الإعلام و المثقفين .. لقد ذلّكم بن علي و الطرابلسية الى درجة أنه قد أفسد سرائركم و عقولكم بصفة نهائية ...

لن أشاهد برنامجكم بعد اليوم.

CHEFIK GAHBICHE