dimanche 14 août 2011

دور ايطارات وزارة الداخلية و علي السرياطي في قمع الثورة


ينقسم الشارع التونسي في نظرته لخفايا الحياة السياسية وكواليس السلطة. لتحليلات كثيرة كل حسب مرجعيته وكل حسب مقدار فهمه للسياسة الدولية وأسرارها.
 ففيهم من يعتقد إعتقادا جازما أن فرنسا هي التي تحكم تونس عبر ما يسمى بأبناء فرنسا تمثيلا لما يطلق عليه جنرالات فرنسا في الجزائر.

 وفيهم من يعتقد أن الأمر كله لا يعدو كونه مجرد فصل من فصول مؤامرة كبرى على الاسلام والمسلمين.

 وفيهم من يعتقد أن أمريكا هي التي تحكم عن طريق سفارتها وسيطرتها على رشيد عمار الذي يدير خيوط اللعبة في الخفاء منذ البداية.

 وفيهم من يعتقد أن أزلام النظام السابق هم الذين يحكمون أو بالتحديد فصيل منه علما وأن نظام بن علي مكون أصلا من تكتلات ومجموعات حاكمة تربطها مصالح مشتركة وتفرقها أيضا المصالح. هذه تقريبا الآراء السائدة وهناك بعض التحليلات الثانوية لا مجال لطرحها.

 في الحقيقة لا تسير الأمور في كواليس السياسة بمثل هذه البساطة. بل إن العلاقات والمصالح والشخصيات المتشابكة تشابكا كبيرا تجعل من الصعوبة الخروج بتحليل بسيط جدا وسطحي من هذا النوع الذي يلقي المسؤولية كلها على طرف واحد في تجني كبير على الحقيقة.
 إن الوضع السياسي في تونس رهين تجاذبات عديدة لعدة أطراف المهيمن فيها هو من يستطيع تمرير أكبر قدر من القرارات ويوجه بشكل أكبر المسار السياسي ومن هذا المنطلق نجد أن في تونس على الأقل ثلاثة مراكز قوى وجهات نفوذ مؤثرة في القرار السياسي سنستخلص تدريجيا منها الطرف الأكثر نفوذا وتأثيرا.

 الطرف الأول وهو الأكثر ارباكا في السياسة التونسية هو كوادر وزارة الداخلية والمرتبطين معهم سواء بتورط مشترك في فساد أو في تداولهم على الإشراف على هذه المؤسسة الأكثر حساسية وخطورة في تونس.

لقد نشأت وزارة الداخلية منذ البدء على حماية نظام بورقيبة من المتربصين به من مختلف التيارات سواء بقايا الفلاقة أو شركاء النضال السابقين. لذا عملت فرنسا على تجهيز الوزارة قبل تسليمها لبورقيبة للقيام بهذه المهمة اساسا لهذا نجد أن كوادر الداخلية يولون الجريمة القدر الأقل من الأهمية في مقابل إيلاء الأهمية الكبرى للأنشطة السياسية المعادية للنظام الحاكم. فلقد كان بورقيبة ضعيفا أول أيام حكمه ولن تطمئن فرنسا لمصالحها في تونس في يد رجل ضعيف سياسيا لهذا سعت لتأهيل كوادر وزارة الداخلية لكي تكون الداعم الاساسي له والطرف القادر على القضاء على اي محاولة انقلابية على بورقيبة وحين اطمأنت لقدرة الجهاز على حماية النظام الوليد تم منح تونس الاستقلال. فبقي الجهاز من وقتها موجها كليا نحو القضاء على أي محاولة لتغيير النظام وتمت إضافة هياكل عديدة مرة بنصائح من الخبراء الفرنسيين ومرة باجتهاد من أعوان بورقيبة الذين قادوا هذا الجهاز. فكان أن تضخم في مقابل تهميش كلي للجيش الوطني الذي لم يستطع لا بورقيبة ولا حتى ابنه بن علي منحه الثقة الكافية وبقي النظام في كلا فترتيه معتمدا اعتمادا كليا على وزارة الداخلية في ضمان استمراريته.
 وكانت طبيعة الجهاز وطبيعة مهمته الأساسية تجعل منه قطبا منفرا لكل الوطنيين وحتى لأبناء فرنسا المؤمنين بالديمقراطية على النمط الفرنسي والذين يستوردون كل نظم الدولة من فرنسا. مما لا يتماشى ودور هذا الجهاز.

 وفي نفس الوقت كان قطبا جالبا للمستبدين والقمعيين وانتهازيين فالصالحون يرفضون القيام بالدور الموكول لهذه الوزارة مما جعل كل قياداتها تقريبا من الفاسدين.وهؤلاء تمتعوا بصلاحيات كبيرة جدا ومع مرور الوقت اصبحوا جزءا من السلطة في البلاد سلطة تتفوق حتى على سلطة أعضاء الحكومة الذين أصبحوا حتى هم يخشون الأجهزة الأمنية حتى أن بعض الوزراء فقدوا وظيفتهم وتم ابعادهم بسبب تقرير أمني أو رغبة احد قيادات الأجهزة الأمنية. لذلك كان الطريق مفتوحا امام بن علي في نوفمبر 1987 للسلطة بعد أن أصبح على دراية بكل خفايا الأجهزة الأمنية بعد أن عمل فيها من أواسط السبعينات. مع رضا اصحاب القرار عليه وادماجه معهم وكون صداقات كثيرة وتشابك مصالح مكنه من ضمان دعمهم في انقلابه الشهير.

 الأجهزة الأمنية في وزراة الداخلية رغم خضوعها للسلطة السياسية لبن علي إلا أنه لم يثق بها كثيرا لهذا إعتمد على علي السرياطي رغم ان التويري رئيس امنه السابق يعتبر من الشخصيات الاقل سوءا في الاجهزة الامنية. في أمنه الشخصي وليس على أحد كوادرها لما يعرفه من فسادهم وغدرهم خصوصا وأن السرياطي كان السبب في انقلابه لأنه هو من أبلغه بكل تفاصيل انقلاب 8 نوفمبر بحكم مشاركته فيه وأغلب قيادات حركة النهضة يعرفون أن السرياطي من ضمن ضباط الجيش الداعمين لانقلابهم. وكانت صداقة السرياطي لبن علي جعلته يبلغه بكل التفاصيل ربما لأنه اعتقد أن ما قد يقدمه له بن علي من مكاسب أكبر مما قد تقدمه له الحركة. أو ربما لأن أياد أجنبية استخباراتية هي التي دفعته لذلك. فكانت مهمة السرياطي الأسياسية ليس فقط الاشراف على أمن الرئاسة بل يتعداه إلى محاولة اختراق الأجهزة الأمنية الاخرى والسيطرة عليها عبر تجنيد ضباطها وحتى أعوانها لحساب ما يطلق عليه اسم استخبارات الرئاسة. وهو جهاز غير رسمي إنما هيأه ونظمه السرياطي تحت إشراف بن علي شخصيا بحكم خبرته الاستخباراتية مع السي آي ايه. وكان أعوان هذا الجهاز يتلقون تكوينا خاصا ومهمتهم الأساسية ضمان أن تخدم الأجهزة الأمنية مصلحة النظام وحماية بن علي وضمان عدم حدوث أي انقلاب تدعمه وزارة الداخلية أو تكون هي مصدره.

 وكان أتباع هذا الجهاز منتشرون في جميع مراكز ومناطق الأمن وحتى في الإدارات العمومية الحساسة. ويتلقون إضافة لمرتباتهم منحا شهرية متفاوتة. ويجندون أيضا عملاء من المعارضة والنشطاء السياسيين تماما مثلما تفعل باقي الأجهزة خصوصا. وهؤلاء العملاء لا يعرفون لصالح من يعملون لأن ضباط المتابعة من أجهزة مختلفة.

 نجح بن علي في السيطرة على مقاليد الحكم ليس فقط بفضل السرياطي بل لأن الفساد الذي كان ينخر أغلب أجهزة الدولة لم يسمح بوصول كفاءات قادرة على الإصلاح وإحداث تغيير حقيقي في الدولة. فحرصت جميع الأطراف على الإبقاء على النظام لأن ذلك هو الشيء الوحيد الذي يحمي مصالحها ونفوذها ولم يرغب أحد في تغيير قد لا تحمد عقباه بالنسبة لمصالحهم.
 نتيجة لكل ذلك تغولت الأجهزة الأمنية سواء سيطر عليها بن علي ام لم يسيطر وتضخم دورها السياسي حتى أصبحت لا تحدث صغيرة ولا كبيرة إلا وقد بلغت السلطة. ونتج عن ذلك سيطرة مطلقة على المعارضة التونسية. بحيث من لا يمكن إخضاعه يسجن أو يهجر. وتمت محاصرة كل نفس حر في تونس. ولم يبقي النظام إلا على أشباه المعارضة الذين يقبلون عقد صفقات مع النظام فلا توجد في تونس جمعية أو تيار أو حزب معارض خارج عن السيطرة. إما بوجود قسم هام من القيادة تحت سيطرة أجهزة الأمن وخاضعون لها في الخفاء أو بإعلان عدم المصادمة مع النظام بل وتزكيته أيضا.

تسرب فساد النظام إلى المعارضة أيضا فكثر فيها الانتهازيون حتى أنه هناك البعض ينشط في المعارضة ويبرز لا لشيء إلا لكي يتم تجنيده مع الأجهزة الأمنية ويحصل على امتيازات ومنح مجزية. وهناك من المعارضة من ينشط فقط لأنه يتلقى راتبا على ذلك سواء ممن يعمل معهم أو من الأجهزة الأمنية. حتى أصبح من المضحك لضباط الأمن إتهام أحد نشطاء المعارضة بالعمالة للبوليس فمن فيهم لم يتورط. باستثناء قلة قليلة جدا كانت الشاذ الذي يؤكد القاعدة. هؤلاء الشواذ لم تستطع الأجهزة الأمنية السيطرة عليهم فترصدتهم بالقمع بكل الأساليب. ومن يتمعن في وضع تونس طيلة العشرية الأخيرة يستطيع تبين هؤلاء القلة من بين الناشطين السياسيين. فلم يكن يسمح لأحد بأن يعارض فعلا ولا أن ينشئ جمعية أو حزبا لا يعجب النظام وليس تحت سيطرته وكل الجمعيات والتيارات السياسية التي نشطت باسم المعارضة وتتحدث عن نضاليتها وبطولاتها كانت تحت السيطرة وكان أغلب أعضاء هيئاتها المديرة من أعوان النظام.

 هذه حقيقة قد تفاجئ الكثيرين لكنها للأسف الحقيقة الوحيدة التي تبرر بقاء هذه جمعيات على قيد الحياة في نظام يقبر كل من لا يعجبه. وان أفلت من السيطرة بعض الأشخاص بحكم علاقاتهم الخارجية التي تحميهم إلى حد ما وتضع للسلطة خطوطا حمراء في مدى التعامل معهم. هذا كان وضع قيادات المعارضة ورموزها ومناضليها في حين كانت القواعد تعيش في وهم المثل والمبادئ والايدولوجيا ورغم ذلك وجد الفساد السياسي منافذ يتسلل من خلالها إليهم.

فكانت النتيجة تغول للأمن الرئاسي حتى أصبحت كلمة (أعمل في الرئاسة) تثير الرعب في قلوب الكثيرين. وأصبح الكثير من الوزراء يرتعدون من ذكر السرياطي وأزلامه. إذ لم يكونوا في منأ عن أعينه وأصابعه التي تنكل بهم بلا رحمة لو فكروا لحظة ضد نظام بن علي. فوجدت في الساحة غولان متداخلان ببعضهما أحدهم يسيطر على الآخر الأول هو الأجهزة الأمنية القديمة لوزارة الداخلية والثاني هو الجهاز الذي بناه علي السرياطي لحماية بن علي ونظامه.

 ولست ادري لم يصر الإعلام على أن خروج بن علي من تونس كان متزامنا مع حضر التجول والانفلات الأمني ربما لتتم التغطية على أحداث وقعت في كواليس الثورة يوم 14 جانفي ....

فبن علي غادر تونس قبل منتصف النهار وعلي السرياطي لم يقبض عليه بعد يوم 14 جانفي والأرجح بعد بيومين وأن علي السرياطي بعد أن قرر بن علي المغادرة تحول لوزارة الداخلية لإعطاء الأمر بتنفيذ خطة الطوارئ التي يحفظها كل ضباط الأمن رئاسي.

 ولم يتحدث أحد أيضا على الخلاف الذي جد في أقبية وزارة الداخلية الذي وصل إلى حد إطلاق الرصاص في الوقت الذي كان فيه مئة وأربعون ألف تونسي يطالبون في الخارج برحيل النظام. فكانت الخطة الأمنية التي نتج عنها حالة الانفلات الأمني التي نعرفها جيدا وملخصها بث الإشاعات عن عمليات ارهابية وعصابات تروع الناس وإطلاق سراح جميع المساجين لتبرير العصابات و أيضا المطاردات وإطلاق الرصاص وقتل الناس.

 وإطلاق الآلاف من رجال الأمن سواء الرئاسي أو أعوانهم من الأمن العمومي بالأسلحة لبث الرعب ونشر القتل والفوضى والغاية الأساسية منها هي إجبار الناس على ملازمة منازلهم خوفا على أنفسهم وممتلكاتهم وبذلك يتم القضاء على المظاهرات والاحتجاجات.

 وثانيا إشعار العامة بأنهم أخطؤوا بطلبهم إقالة الرئيس وأنهم لن يستطيعوا أن ينعموا بالأمن والاستقرار إلا بفضله فتخرج فيما بعد أصوات منادية بعودته ومظاهرات تطالب بذلك طبعا يخرجها رجال الأمن أنفسهم باللباس المدني ويساندهم في ذلك ميليشيات التجمع.
 وكان رحيل بن علي بناءا على هذه الخطة والتي ينوي من خلالها العودة بشكل بطولي للسلطة. لكن جرت الرياح بما لا يشتهي بن على وأزلامه فتكون لجان الحماية بتلك السرعة والعفوية والحماس والشجاعة المنقطعة النظير لشباب تونس الذي وقف أمام الرصاص بصدور عارية في سبيل إنجاح الثورة نجحت في إفشال كل مخططاته إضافة إلى أن القرار قد صدر من أيام من طرف أصحاب القرار بان لا مكان لبن علي في تونس فهناك من كان يتربص به. فلم تنجح محاولته تلك وسعت فرنسا حثيثا عبر أبنائها في تونس لضمان عدم عودة بن علي لتونس مجددا قاطعة عليه سبل إنجاح مخططه الدموي.

 وكان الغنوشي وبعض وزراء بن علي على علم بتفاصيل الخطة الأمنية ومتواطئين فيها لهذا لم نجد تتبعا لسيارات التأجير التي تم إيقافها مليئة بالأسلحة والمسلحين ولا لسيارات التاكسي أيضا ولا لسيارات الأمن نفسها وهي تعد بالمئات انتشرت في كامل أنحار الجمهورية لتنفيذ الخطة.

 فلم يتتبعها ولا أصحابها لا الغنوشي ولا السبسي رغم أن لجان الحماية استطاعت القبض على الآلاف منهم باعتراف الجيش الذي أعلن في خطأ مرده سوء التنسيق على القبض على أكثر من ثلاثة آلاف مسلح من رجال الأمن باللباس المدني.

 وتلاشى هؤلاء مباشرة بعد خطاب أحمد فريعة التي كان وزير داخلية وقتها والذي توجه به إلى بقايا رجال الأمن طالبا منهم التوقف عن تنفيذ الخطة الأمنية وتسليم أسلحتهم لأقرب منطقة شرطة أو ثكنة جيش وعفا الله عما سلف.

 هؤلاء هم القناصة الذين يبحث عنهم الشعب تعرفهم الحكومة فردا فردا وتعرف جيدا أنهم لم يخالفوا القانون لأنهم كانوا يؤدون وظيفتهم بمهنية عالية وكل ما قاموا به كان بتكليف من قيادتهم المتمثلة في بن علي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وعلي السرياطي بصفته رئيس جهاز الأمن الرئاسي وباقي رؤساء المصالح الأمنية مع عدم التغافل عن وزير الداخلية الذي كان على علم بكل شيء.

 لهذا لا يمكن هذه الحكومة أن تحاكم أيا من القناصة فهي كانت متواطئة معهم. ولهذا السبب حين أرادوا أن يكون علي السرياطي كبش فداء يضحون به لقاء تأمين أنفسهم هدد وطالب بوسائل الإعلام خلال التحقيق لأنهم كانوا كلهم غارقون في نفس الجرائم. ولم يجد السرياطي سوى أن يهددهم بتهديد شمشون (عليا وعلى أعدائي) منذرا إياهم بأنه سيروي الحقائق كاملة. لكنهم لا يعلمون أن الحقائق تسربت فعلا من بين أيديهم.

 فاضطروا لأن يماطلوا في قضيته ويحاولوا أن يبرؤوه إعلاميا وإلى الآن لم يتم إحراز أي تقدم في التحقيقات معه وبدؤوا في التخبط للخروج من المأزق الذي وقعوا فيه باعتقال كبش الفداء المتمرد والصعب المراس السرياطي...

 فمرة يصرحون بأن القناصة إشاعة ومرة يقولون بأنهم في السجن...
 ومرة يقولون بأنهم أصدروا بطاقة جلب في العشرات من رجال الأمن بحثا عن أكباش فداء أخرى يمكن التضحية بها عوض السرياطي الذي تبين أن لحمه مر ومن ذلك عشرات الضباط الذين يحاكمون الآن وأهاليهم وزملاءهم يتظاهرون لأجلهم.

 هم على الأرجح شاركوا فعلا في الانفلات الأمني لكنهم فعلوا ذلك بناءا على التعليمات في جهاز تعودوا مذ دخلوه على أن لا يخالفوا أبدا التعليمات لكن هؤلاء لا يستطيعون التهديد بكشف المستور لأنهم يعلمون أن رؤساءهم وزملاءهم سينكلون بهم وبعائلاتهم لو فعلوا وهم أدرى الناس بتنكيل رجال الأمن..
 فكان الضغط الشعبي خصوصا في البداية شديدا عليهم مما جعلهم يخطئون كثيرا لدرجة أن حقائق كثيرة تسربت منهم بسبب أخطائهم تلك. وبدا التخبط واضحا في قرارات الغنوشي الخفية.
 ولعلنا كلنا نذكر تحذيره من أمرين مهمين جدا أولهما يخص هذا الفصل من المقال والثاني سنذكره في مكانه.
 الأول هو تهديده الذي جاء في شكل تحذير من حمام دم أنقذ منه البلاد وربما ستسقط فيه البلاد لو أصر الشعب على إنجاح ثورته.

 هذه الأجهزة الأمنية وجه لها الراجحي ضربة قوية جدا حين أطرد منها عشرات المديرين الفاسدين وبالرغم من أن بدلاءهم في الغالب هم من يلونهم رتبة إلا أن العملية جعلت الكثير من رجال الأمن يفكرون بجدية في تغيير تعاملهم مع الثورة وشباباها في حين أرعب ذلك آخرين فازداد حرصهم على قمع الثورة خوفا على مصالحهم ولرغبتهم القوية في إرجاع الأمور كما كانت وكما وعدهم رؤساءهم الذين لطالما كرروا لهم أن الأمور ستعود كما كانت عليه تدريجيا وأن هذه الأوضاع مؤقتة. 

ومن أخطر هؤلاء الذين بقوا طويلا ينعمون بالحرية محمد علي القنزوعي الذي عرفت عنه علاقاته القوية بأجهزة المخابرات الدولية وتحديدا السي آي إيه والموصاد. ورغم تورطه في الفساد والرشوة وحتى الجوسسة فإنه حافظ على مكانة جيدة داخل الأجهزة الامنية مما يفضح التبعية المطلقة للدول الأجنبية (اسرائيل وأمريكا). لهذا فمن المؤكد أن هناك خدعة كبيرة تم استدراج محمد علي القنزوعي بها من مالطا لتونس حيث تم القاء القبض عليه عشية تصريحات الراجحي والأرجح أن كمال لطيف هو من سعى لعودته كي يستعين به على تمرير مخطاته.

ليس ضباط الأمن فقط يريدون عودة الأوضاع لما كانت عليه. وليس فلول التجمع فقط أيضا بل قسم كبير جدا من مناضلي المعارضة والحقوقيين الذين لطالما انتفعوا من نظام بن علي ومورطون معه للنخاع ويخشون كل الخشية من فضح تورطهم هذا. هؤلاء الذين يملؤون الهيئة العليا باسم الوطنية. وهؤلاء هم الأكثر خطرا على الثورة لأن عددا كبيرا منهم لازال على اتصال مع الأجهزة الأمنية رغم قطع المنح عنهم ويقدمون تعاونهم لإرجاع الأوضاع كما كانت. وهذا ربما يعتبر الامر الاكثر خطورة على الثورة حين تقع بين ايدي عميلة عملت وستعمل دائما تحت سلطة الاجهزة الامنية وستساعد حتما في زيادة تغولها.
http://www.facebook.com/truth.ha9i9a.2

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire