vendredi 5 août 2011

الدكتور صادق شورو


قبل دخول السجن


دكتوراه في الفيزياء ، حكم بالسجن المؤبد ، أكثرمن 14 سنة من العزلة الإنفرادية   ..! ،
أكثر من 36 إضرابا عن الطعام ..! ، معاناة تواصلت 18 عاماً ..!
*
 الاسم و اللقب : الصادق بن حمزة بن حمودة شورو .
*
 تاريخ الولادة ومكانها : 10/2/1948
*
 المستوى التعليمي : دكتوراه دولة في الفيزياء
*
 المهنة : أستاذ محاضر بكلية الطب بتونس و بكلية العلوم بتونس ومدرس بالاكاديمية العسكرية
و عضو نقابة التعليم العالي بالاتحاد العام التونسي للشغل ، عضو لجنة البحث العلمي بالمركز الجامعي للبحث ببرج السدرية .
*
 الحالة الاجتماعية : متزوج و له أربع أبناء
-
 أسماء مرحلة ثالثة
-
 هاجر رابعة جامعة متزوجة
-
 وجيه 23 سنة مستوى 6 ثانوي
-
 إسلام 6 ثانوي
*
 تاريخ الدخول للسجن : 17 فيفري1991 وقع تعذيبه بشكل غير معهود وتم التحقيق معه في مكان لا صلة له بمقرات البوليس المالوفة ( ضيعة فلاحية بمدينة نعسان ) وقد تم نقله الى المستشفى في تلك الفترة في وضعيات خطيرة أصبحت فيهاحياته مهددة بالخطر .
*
 الحالة الصحية : روماتيزم +قرح المعد +الام الظهر .
*
 الحكم : مدى الحياة ( تم تخفيضها إلى 19 سنة و وقع الإفراج عنه بعد 18 سنة من السجن ليعاد اعتقاله بعد 28 يوما و الحكم عليه بعام سجنا ثم التراجع في قرار السراح الشرطي و إضافة عام آخر من السجن للعقوبة المحكوم بها عليه )
*
 السجن الحالي : الناظور- بنزرت ( 60 كم شمال العاصمة تونس)
عاش وضعية العزلة الفردية لأكثر من 14 سنة ..! قضى معظم سجنه في غرفة منفرة ومعزولة في سطح جناح المصحة بسجن9 افريل (الذي تم هدمه 2007) حيث لا صلة له بالعالم الخارجي الا من خلال حراس مخصوصين لم يتم إبدالهم بغيرهم أبداً ولا يسمح لهم بالتحادث معه و لا لغيرهم بـ " الإقتراب منه ..! " ولا الإقتراب من الغرفة رقم 4 بالجناح ( د ) التي يقيم بها في ظروف قاسية اتسمت بالتنكيل والتشفي الذي تجاوزه الى أسرته .. خاض حوالي 36 اضرابا عن الطعام للمطالبة بحقوقه ورفض المظالم المسلطة عليه وعلى اسرته كان اخرهاإضراب بدأه يوم 12 نوفمبر 2007 ودام اكثر من شهر من اجل تنفيذ قرار المحكمة الادارية بارجاع اخيه الدكتور عباس شورو لوظيفته كاستاذ بالجامعة التونسية ولتمكين ابنائه من جوازات سفرهم ولوضع حد للمضايقات التي تعيشها اسرته.
*
 العنوان : 8 نهج الطاهر بن عاشور ، الياسمينات ، تونس .
*
 الهاتف : 71.301.698 ، 71701778 ، 22645725 ، 20954811

**************************

ملحـــــــق :
ـ اُفرج في 5 نوفمبر 2008 عن العشرات من المساجين السياسيين الذين حوكموا في تسعينات القرن الماضي بأحكام ثقيلة في سياق محاكمات لم تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة وشابها توظيف مفضوح للقضاء للتشفي والإنتقام من الخصوم الفاعلين وقتها في الساحة السياسية، وكان الدكتور الصادق شورو الذي قضى 18 سنة بالسجون التونسية من بين هؤلاء المسرحين .
بعد الخروج من السجن

تونس في 22 أفريل 2009
بعد التراجع في قرارالسراح الشرطي : عام إضافي من السجن للدكتور الصادق شورو..!

 
أعلمت إدارة سجن الناظور ببنزرت، في بداية هذا الأسبوع ، الدكتور الصادق شورو،الرئيس الأسبق لحركة النهضة، أن قرار السراح الشرطي الذي غادر بموجبه السجن في 5 نوفمبر 2008 قد تم الرجوع عنه، مما يعني أنه يتوجب عليه قضاء عام إضافي في السجن (إتماما للعقوبة الصادرة في حقه في بداية تسعينات القرن الماضي ) بالإضافة إلى العام المحكوم عليه به بتهمة " الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها " ..!
علما أن الدكتور الصادق شورو قد أوقف في 17 فيفري 1991 و صدر عليه حكم بالسجن المؤبد تم تخفيضه لـ 19 سنة قضى منها 18 سنة .. منها 14 في العزلة الفردية ..!.
ـــ عمد البوليس السياسي الجمعة 21 نوفمبر 2008 إلى احتجاز الدكتور الصادق شورو بمنطقة الشرطة ببنعروس حيث قام مسؤول تم استقدامه من إدارة أمن الدولة بمساءلته حول التصريحات التي أدلى بها للصحف و المواقع الإلكترونية بعد الإفراج عنه، والتنبيه عليه بعدم ممارسة أي نشاط سياسي و بعدم استقبال أعضاء هيئة 18 أكتوبر، كما تم إعلامه بأن تنظيمه لأي احتفال بالإفراج عن آخر دفعة من "المساجين العشريتين" سيُعد عقدا لاجتماع غير مرخص فيه و مخالفة لموجبات السراح الشرطي تستوجب إعادته للسجن .. و بعد 9 ساعات من الإحتجاز التعسفي .. ! تم الإفراج عن السيد الصادق شورو على الساعة السادسة نفس اليوم.
ـ مساء السبت 22 نوفمبر 2008 عمدت جحافل من البوليس السياسي إلى محاصرة مقر إقامته و وضع الحواجز الحديدية بالطرق المؤدية إليه ، كما تم منع ممثلي الأحزاب و الجمعيات المستقلة و المساجين المسرحين من الوصول إلى المنزل تلبية لدعوة السيد الصادق شورو للإحتفال بإطلاق سراح الدفعة الأخيرة من " مساجين العشريتين " ، و قد عبر وفد الحزب الديمقراطي التقدمي و على رأسه الأمينة العامة السيدة مية الجريبي( بعد أن تمكن من الوصول إلى منزل السيد الصادق شورو ) عن تهانيه لجميع المسرحين و إكباره لنضالهم و صمودهم و رفضه للحصار المسلط عليهم
ـ لبى ممثلو الأحزاب و الجمعيات المستقلة و المساجين المسرحين مساء يوم السبت 22 نوفمبر 2008 دعوة الدكتور الصادق شورو للإحتفال بإطلاق سراح الدفعة الأخيرة من " مساجين العشريتين " غير أن حجافل البوليس التي وضع الحواجز الحديدية بالطرق المؤدية إلي محل إقامته، منعت الضيوف من الوصول إليه، وقد عبر وفد الحزب الديمقراطي التقدمي و على رأسه الأمينة العامة السيدة مية الجريبي( بعد أن تمكن من الوصول إلى منزل السيد الصادق شورو ) عن تهانيه لجميع المسرحين و إكباره لنضالهم و صمودهم و رفضه للحصار المسلط عليهم .
ـ وقع إيقافه يوم الإربعاء 3 ديسمبر2008 بمركز أمن القرجاني على ذمة قضية عدلية
ــ تمت إحالته على النيابة يوم الجمعة 5 ديسمبر2008 على خلفية تصريحاته التي أدلى بها لقناة الحوار اللندنية يوم الإثنين 01 ديسمبر 2008 في برنامج« بدون تأشيرة».
ــ تقرر بعد ظهر يوم الجمعة 05 ديسمبر 2008 إحالته بحالة إيقاف على الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الإبتدائية بتونس بتهمة ..الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها.
ـــ قد تطوع عدد كبير من المحامين يقارب الخمسين للدفاع عنه و طلبوا له الإفراج المؤقت و تأخير النظر في القضية لجلسة مقبلة حتى يتمكنوا من الإطلاع على الملف ، و رافع من بينهم أكثر من عشرة محامين لدعم مطلب الإفراج و أجمعوا كلهم على اعتبار المحاكمة محاكمة سياسية و أنه ليس هناك مبرر لإيقافه أو محاكمته ..
ـــ رفض القاضي محمد علي بن شويخة رئيس الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الإبتدائية بتونس الإفراج عن الدكتور الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة والسجين السياسي السابق المحال بتهمة الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها ( القضية عدد 39848 
).
ـــ أصدرت الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الإبتدائية بتونس في 13 ديسمبر2008 حكمها بسجن الدكتور الصادق شورو مدة عام بتهمة " الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها " على خلفية تصريحاته لمواقع إلكترونية و بعض الفضائيات .
ـــ عمدت إدارة السجون إلى نقل الدكتور الصادق شورو تعسفيا إلى سجن الناظور ببنزرت رغم أن القضاء لا يزال متعهدا بقضيته و أنه موقوف على ذمة المحكمة الإبتدائية بتونس إلى حين النظر في استئناف الحكم الصادر بحقه .
ـــ نظرت السبت 14 مارس 2009 الدائرة الجناحية 14 بمحكمة الاستئناف بتونس برئاسة القاضي طارق شكيوة في القضية التي يحال فيها الدكتور الصادق شورو بتهمة الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها، بعد ثلاثة أشهر من صدور الحكم الابتدائي بسجنه مدة عام نافذ و قررت تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 28 مارس 2009 استجابة لطلب هيئة الدفاع.
ــ في جلسة يوم 28 مارس 2009 صدر قرار الدائرة الجناحية 14 بمحكمة الاستئناف بتونس بـسجنه عاما كاملا مع النفاذ ، و قد تطوع عدد كبير من المحامين للدفاع عنه وأجمعوا كلهم على اعتبار هذه المحاكمة ذات طبيعة سياسية و خلفية كيدية و أسس ..واهية ..!


***************


" شورو" لشباب الإسلاميين: لا تنشغلوا بالسياسة كثيرا بعد الثورات

علي بوراوي
إسلام أون لاين - تونس


متواضع جدا في هيئته، لا تكاد تميزه عن غيره من الناس في المجالس. هادئ جدا في حديثه وحركاته وفي تفكيره. لا يعرف القهقهة ولا الصياح، وإنما يكتفي بابتسامة خفيفة، أو برفع رأسه وتقطيب خفيف في حاجبيه إذا استغرب من أمر، ولا نقول إذا غضب. هذا هو الدكتور الصادق شورو، الرئيس السابق لحركة النهضة التونسية، وأستاذ مادة الكيمياء في كلية الطب بتونس، الذي قضى في سجون نظام بن علي 18 عاما وثمانية أشهر كاملة، منها 14 عاما في عزلة انفرادية لا يختلط فيها بأحد من الناس، سوى حراسه الذين كلفوا بمراقبته، وزوجته التي تزوره مرة واحدة في الأسبوع لمدة ربع ساعة.

لكن العزلة الانفرادية للدكتور الصادق شورو، كانت فرصة للخلوة والعبادة وحفظ القرآن والتدبر فيه، حتى قال إنه لو كان يعرف ما سيجده في السجن من عمق روحاني وعبادة خالصة، لأتاه حبوا.

مورست عليه أعنف وأبشع ألوان التعذيب والتنكيل، ونقل بين ستة سجون، كلما ألفت أسرته الطريق إلى أحدها، صدر أمر بنقله إلى سجن آخر أبعد عن مسكن الأسرة وأشق عليها في التنقل إليه.

استفاد من عفو في نوفمبر سنة 2008 ، لكنه أعيد إلى السجن بعد شهر واحد، بسبب تصريح أدلى به إلى قناة تلفزيونية. هذا أقل ما يمكن أن يقدم به أحد قادة حركة النهضة، الذي تولي عدة مهام فيها خلال العقود الثلاثة الماضية. وهو ينصح شباب الحركة الإسلامية بضرورة إيلاء التكوين التربوي والبعد الروحي مكانتهما، وألا ينشغلوا عنهما بالعمل السياسي الذي فتحت الثورات العربية أبوابه.
الصادق شورو، عاد بعد الثورة إلى عمله أستاذا في كلية الطب، وهو يتهيأ إلى زيارة البقاع المقدسة الآن، لأداء العمرة، في أول مرة يخرج فيها من تونس، بعد منع تزيد مدته عن 27 عاما. وهذا نص الحوار معه.

تعذيب رهيب

- وقع إيقافك سنة 1991، في أشرس حملة أمنية تعرفها الحركة الإسلامية في تونس؟ هل يمكن أن تعطينا فكرة عن تعامل الأجهزة الأمنية معك؟

- نعم، تم اعتقالي في فبراير سنة 1991 من قبل جهاز الاستعلامات. فحقق معي في مسائل عامة، ولم يكن له علم بصفتي الحقيقية في الحركة الإسلامية، وسلط علي عذابا شديدا ليعرف صلتي وعلاقتي بها. وانتهى التحقيق على أساس ألا علاقة لي بحركة "النهضة" وأني قطعت صلتي بها على المستوى التنظيمي والسياسي. ثم وقع التحقيق معي مرة ثانية في مكاتب مصالح أمن الدولة، لأن لديهم معلومة بأني حضرت لقاء في إحدى مناطق العاصمة، قدمت فيه خطة للحركة. وقال صاحب هذه الإفادة إني حضرت ذلك اللقاء وأنا ملثم. أنكرت هذا الكلام وقلت لهم: كيف عرفني إذا كنت ملثما؟ ومر ذلك التحقيق على أساس أني لم أحضر ذلك الاجتماع، وأنه لا علاقة لي بقيادة الحركة ومؤسساتها.

وعندما تم تقديمي إلى حاكم التحقيق بتهمة تكوين عصابة مفسدين، تم اقتيادي إلى مصالح أمن الدولة مرة أخرى، لكنهم هذه المرة، وجدتهم قد اكتشفوا حقيقة صفتي التنظيمية كرئيس لحركة "النهضة"، وقع انتخابي في مؤتمر عقد بمدينة صفاقس سنة 1988. وسلط علي في هذا التحقيق تعذيب شديد، بهدف معرفة علاقة الحركة بالمؤسسة العسكرية. ومارسوا علي ضغوطا شديدة للاعتراف بأن الحركة كانت تعد لانقلاب عسكري والاستيلاء على السلطة. وقد نفيت كل هذه التهم، وأكدت أن الحركة تعتمد الوسائل السلمية في تحقيق أهدافها، وقدمت لهم الأدلة الواقعية والمنطقية، وأن هذه التهم من نسج الخيال، ولا أساس لها في الواقع.  

-  ألم يقع احترامك كرئيس للحركة وأستاذ جامعي؟

- تعاملوا معي بأقصى شراسة، ولم يحترموا أبدا صفتي العلمية والاجتماعية، وسلطوا علي مختلف طرق التعذيب التي سلطت على غيري من أبناء الحركة، بل مارسوا علي أشدها.

-  هل تذكر لنا بعض أساليبهم في التعذيب التي مارسوها عليك؟

- من بين هذه الأساليب، التعليق على هيئة الدجاجة المصلية، وهي طريقة مشهورة في تونس، فيتم ربط يدي الشخص ورجليه، ويعلق في الهواء بعصا ليتم تعنيفه وضربه بالسياط من طرف عون متخصص في التعذيب. وكذلك التعليق على الباب، والتهديد بالقتل، وإطلاق عيارات نارية فوق الرأس، بهدف التخويف.

-  هل حاولوا استمالتك وكسبك؟
-  لم يفعلوا ذلك لأنهم يعرفون إصراري على مواقفي ومبادئي.

-  ما هي السجون التي نقلت إليها خلال فترة سجنك؟
- تم نقلي أول الأمر إلى سجن 9 أبريل بالعاصمة، ثم إلى سجن الناظور، ثم إلى سجن القصرين، ثم إلى سجن قفصة، ثم سجن الهوارب، ثم سجن قرمبالية، ثم إلى سجن 9 أبريل ثانية.

-  هل هناك اختلاف في تعامل إدارات السجون معك؟

-  لا، هي نفس المعاملة، لأن أعوان السجون ينفذون تعليمات تأتيهم من الإدارة العامة للسجون، وهي نفس التعليمات والمضايقات.

معاناة الأسرة والزوجة

- لا شك أن زوجتك عانت كثيرا من جراء سجنك. فكيف استطاعت أن تقاوم طيلة هذه المدة؟

-  بفضل من الله وتأييد منه، كانت لها شخصية قوية، وهي مؤمنة بالعمل الإسلامي وكل أنشطة زوجها، فكانت صابرة محتسبة لله عز وجل. وكنت دائما أشجعها وأنصحها وأوصيها بالصبر والتقوى. كنت أذكرها في زياراتها لي بقوله تعالى "والعاقبة للمتقين". فمعاناتنا ومحنتنا وإن كانت شديدة وقاسية، فإن العاقبة لنا بإذن الله، فإن لم ننلها في الدنيا، فسنجدها في الآخرة "والآخرة خير وأبقى". نحن نحتسب ما أصابنا لله عز وجل. وكنت أوصيها بتقوى الله تعالى "إنه من يتق ويصبر، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين". وكنت طيلة فترة سجني، أرسل إلى عائلتي رسائل تكاد تكون شهرية، فيها معان تربوية، ودعوة إلى الصبر وإلى تلاوة القرآن، والعبادة والذكر، والاستعانة بالصبر والصلاة، كما قال تعالى "واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين".

-  وماذا عن زيارة أهلك لك في السجن، والكتابة هناك، سواء كتابة الرسائل، أو البحوث وغيرها؟
- نعم كانت هناك زيارة، ولكن الإدارة العامة للسجون كانت تتعمد إبعادي عن مقر سكنى عائلتي، لتشق عليهم زيارتي، فتقل الزيارات، وتضاعف العقوبة فشمل العائلة أيضا. كانت أسر السجناء تتحمل أتعابا كثيرة لتصل إلى السجن. كما كانت الإدارة تفصل بين يوم الزيارة ويوم قبول "القفة" لسجينها (القفة تحمل فيها الأسرة عادة الطعام للسجين). فإذا كان يوم الزيارة، لا تقبل القفة، وإذا كان يوم القفة، لا يسمح فيها بالزيارة، إمعانا في العقوبة والتنكيل بالعائلات.
 أما أدوات القراءة والكتابة، فقد حرمت منها طيلة ثماني سنوات. حرمت من القلم والورق والكتب. أما الصحف والتلفزيون، فقد ظلت ممنوعة علي طيلة 14 سنة، مدة عزلتي الانفرادية، بهدف إحكام عزلتي عن العالم الخارجي.

عزلة انفرادية

- بقيت 14 سنة في عزلة انفرادية، أي بمفردك في غرفة لا تلتقي بأحد من المساجين؟
-  نعم.

-  كم كانت تدوم زيارة أسرتك لك؟
- 20 دقيقة، مرة في الأسبوع، ثم وقعت الزيادة فيها تدريجيا إلى أن وصلت في المدة الأخيرة من سجني ثلاثة أرباع الساعة.   

- لو نعود إلى العزلة الانفرادية التي استمرت 14 سنة. كيف كنت تقضي وقتك فيها؟
- كنت أقضيه في العبادة وحفظ القرآن وتلاوته وتدبره، وفي الذكر. لقد جعل الله لي في هذه الفترة خيرا كثيرا. فالإنسان في مثل هذه الحالة يعيش مع الله، منقطعا عن العالم، لا صلة له إلا بربه وبكتابه الذي هو كلام الله. ففي هذه العزلة وجه إيجابي، وليست شرا مطلقا، بأن منّ الله علي بمعرفة أشياء كثيرة، ما كان لي أن أعرفها لولا تلك العزلة. أقصد خصوصا الأبعاد الروحانية التي فتح الله بها علي. هناك اكتشفت فهماً روحانياً للقرآن، ما وراء سطور القرآن ومعانيه الظاهرة. معان روحية كبيرة في التقوى والصبر والتوكل، وفي قضايا تتعلق بالتربية النفسية، وحتى مسائل تتعلق بخلق الله في السماوات والأرض. العزلة سمحت لي بأن أتدبر هذه الأمور، وأصل فيها إلى معاني وفتوحات لا تخطر ببالي لو لم أكن في تلك العزلة. والحمد لله على ذلك.

- وهل تمكنت من حفظ القرآن؟
- من بركات هذه العزلة، أني أتممت فيها حفظ القرآن الكريم. كما أني في السنوات الأخيرة منها، خصوصا سنة 1998 والسنة التي بعدها، فتح الله علي فكتبت نحو 20 كراسا أو أكثر، هي استقراء في بعض سور القرآن القصيرة، مثل سور الإخلاص والليل والقلم. وهو استقراء بهدف استخراج بعض الرؤى الفكرية التي تؤسس لنهضة إسلامية شاملة في خمسة مجالات كبرى، هي المجال العقدي والفكري، والمجال الديني، والثقافي، والسياسي، والاقتصادي والاجتماعي. كتبتها وليس بين يدي أي مرجع من المراجع. كنت أجلس بعد صلاة الصبح وليست لدي أي فكرة عما سأكتبه، ثم تأتي الخواطر تباعا إلى أن تراكمت الكتابات.

- متى سترى هذه الكتابات النور ويستفيد منها الناس؟
- عندما كنت أكتب هذه الخواطر، كنت أتساءل: كيف أكتبها وأنا أعلم أنه من شبه المستحيل أن تخرج. فقد يستولي عليها السجان في أية لحظة، ويحجزها. لكني كنت أجد في داخلي دافعا قويا للكتابة، فأترك البقية على الله سبحانه. ويسر الله أن خرجت هذه الكراسات من السجن بطرق غير عادية، وقد وصلني بعضها الآن، والبعض الآخر ما زال عند بعض الإخوة.

- سربتها إلى أياد أمينة خارج السجن؟
- نعم.

- إدارة السجن لم تكن تعلم أنك كنت تكتب؟
- لم تكن تسمح بذلك، فالكتابة وأدواتها ممنوعة علي. لكنها ربما كانت تعرف، من خلال الرقابة البشرية أو حتى الرقابة الإلكترونية. ولكن بفضل الله لم يصل إلى أيديها أي من الكراسات.

- وكيف كان تعامل السجانين معك؟ هل وجدت من بعضهم تعاطفا أو مرونة في المعاملة؟
-: أغلبهم ينفذون تعليمات تصلهم من إدارتهم، ولا خيار لهم في تطبيقها. وهناك عناصر قليلة تتفهم وضعنا، وتبدي تعاطفا، وقد تسمح بما نحن ممنوعون منه.

مكاسب السجن

- قضيت في السجون التونسية ما لم يقضه أحد غيرك من التونسيين، بسبب انتمائك العقائدي والسياسي. فماذا كسبت من السجن، وماذا خسرت؟
- لقد كسبت من سجني الكثير الكثير. قلت لأهلي في إحدى الزيارات، أني لو كنت أعلم أني سأدرك ما أدركته في هذا السجن، لأتيته حبوا. لأني أدركت فيه أشياء كثيرة وعظيمة جدا في الروحانيات والفكر وفهم معاني القرآن. لو لم أكن في السجن لما أدركتها. فهذا خير كبير. حفظ القرآن شيء كبير لا يقاس بثمن. السجن كان بالنسبة لي، فتحا كبيرا في عبادتي وعلاقتي بربي سبحانه "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم". كنت أكره السجن، ولكني وجدت فيه خيرا كبيرا.

- متى سترى كراساتك النور؟
- أنا أسعى إلى ذلك، وقد اتفقت مع أخي المسؤول عن الإعلام ليبحث لي عن دار نشر بهذا الخصوص.

 الثورة عطاء رباني

- عندما خرجت في نوفمبر 2008، صرحت لإحدى القنوات التلفزيونية بكلام اعتبره البعض فاضحا لحقيقة السلطة، ما جعلها ترد الفعل بقسوة، وتعيدك إلى السجن بسرعة. هل ترى ذلك خطأ كما يقول البعض؟
- تصريحاتي تلك، كانت نابعة من قناعاتي، وكان علي أن أقول ذلك، ولو كان على حساب راحتي. وقد أكدت الثورة في تونس، أن تصريحاتي تلك كانت في محلها وفي وقتها.

- متى خرجت نهائيا من السجن؟
- يوم 30 أكتوبر 2010، أي شهر ونصف قبل الثورة. كأني كنت على موعد معها.

- ما هو أهم شيء لفت انتباهك بعد خروجك من السجن؟
- الثورة هي أهم حدث رأيته في حياتي. لقد فاجأت الجميع، إذ لم يكن أحد ينتظر حصولها. كانت حدثا ربانيا، من إنجاز القدرة الربانية العظيمة. الشعب كان أداة لتحقيق إرادة الله. وهي تتويج للجهاد الكبير الذي جاهدته الحركة الإسلامية.

- هل كنت تتوقع سقوط بن علي؟
- لا.

- هل تحسرت على شيء فقدته بعد خروجك من السجن؟
- نعم. افتقدت عبادة الله في خلوة تامة. فبعد خروجي من السجن، وجدت أن روح عبادتي خارج السجن تختلف عن روح عبادتي وأنا داخله. وهذا من حكمة الله سبحانه. فالإنسان مدعو إلى أن يعيش واقعه الذي يحيط به. هناك داخل السجن واقع يدعو الإنسان إلى أن يغوص في المسائل الروحية والتعبدية. وخارج السجن يقتضي أن يتعامل الإنسان مع مجتمعه ومحيطه وعائلته. وفي كلا الحالتين خير كبير.

- كيف ترى حال الحركة الإسلامية اليوم، بعد السنوات الطويلة الصعبة جدا التي مرت بها؟
- الحركة الإسلامية في تونس وبقية الدول العربية تعتبر في وضع جيد والحمد لله. فقد فتحت لها أبواب العمل الدعوي والسياسي والاجتماعي. وهي تجني ثمار سنوات النضال الطويلة التي عاشتها، وهذا فضل من الله سبحانه الذي قال في محكم تنزيله "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم".

- بماذا تنصح أبناء الحركة الإسلامية وشبابها بشكل خاص، من خلال تجربتك في حركة النهضة، وفي السجن؟
- أنصحهم بألا يغفلوا عن التربية الروحية والتكوين الديني والبناء الفكري، في ظل هذا الواقع الجديد الذي فتح أمامهم. هذه مسألة في غاية الأهمية. فهذه هي أسس العمل الإسلامي التي نخشى في خضم هذا الواقع المتحرك، أن يستهويهم العمل السياسي، فيغفلون عن الأسس التربوية والعقائدية والروحية والفكرية، التي يجب أن تظل منطلقا للعمل الإسلامي. عليهم أو يولوا عناية خاصة لحفظ القرآن الكريم وتدبره وتلاوته والعمل به، وكذلك حفظ الحديث النبوي وتدبره والعمل به، أن يفهموا دينهم ويتقنوا عباداتهم، وألا ينسوا قيام الليل. هذه الأسس الدينية يجب أن تكون حاضرة في اهتمامات الشباب الذي يريد أن يعمل للإسلام، وتحقيق مصلحة الأمة العربية والإسلامية.

- هل لك ما تضيف؟
- أشكر موقع "إسلام أون لاين" لما يقوم به من جهد في خدمة الإسلام والمسلمين، والتقدم بالمشروع الإسلامي، وأقول للقائمين عليه: بارك الله لكم في عملكم.

في المطار و هو حر طليق  يوم عودة زميله راشد الغنوشي بعد 20 سنة من الغربة
http://www.islamonline.net/ar/IOLArticle_C/1278408846775/1278406720070/IOLArticle_C

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire