samedi 1 mars 2014

الثورة المضادة : ثورة الفساد ضد ثورة الكرامة,





إن الثورة المضادة و شبكات الفساد و الاستبداد انتقلت منذ مدة من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم على الثورة و رموزها..
تشكلت رموز الثورة المضادة إثر التقاء موضوعي بين مجموعة من القوى “المتضررة” من الثورة و بعض الأطراف السياسية المهزومة في انتخابات 23 أكتوبر 2011، وضعوا تصورا و “خطة مدروسة” للقضاء على الثورة و التنكيل بالثوار و محاولة استرجاع نفوذهم و تسلطهم على البلاد و العباد..
ما يحدث في تونس منذ اندلاع الشرارة الأولى لثورة الحرية و الكرامة إلى اليوم يؤكد أن الثورة المضادة تبدوا أكثر “تنسيقا”، و أكثر “تغلغلا” في مفاصل الدولة مما نتصور … فقد تطورت تدريجيا من التحكم في وسائل الإعلام ثم إلى بث الخوف والإحباط لدى المواطنين مع إحداث سلسة من الاغتيالات أدت إلى إسقاط الحكومتين حمادي الجبالي و علي لعريض و الانقلاب على الشرعية الانتخابية بإحداث مجلس تأسيسي موازي سمي بالحمار الوطني , الى أن جاءت المرحلة الأخيرة هو وضع حكومة تخدم المستعمر و محروسة من قبل البوليس الفاسد...
ثورة الفساد و التحكم التدريجي في وسائل الاعلام:
الثورة المضادة ناورت و هادنت في بداية الثورة و اجتنبت التصعيد و الاحتكاك المباشر بالثوار..لكن هذا لا يعني أن “الفاعلين” في منظومة الحنين للماضي توقفوا عن العمل..بل وضعوا برنامجا عمليا يبدأ باستقطاب الإعلاميين و الصحفيين ثم بسط اليد على مؤسسات لإعلامية بأكملها، حتى وصل الأمر إلى السيطرة على جزء هام من المنظومة الإعلامية في تونس..و التي تحولت، من جديد ، إلى أبواق لا تناقش أمرا و لا تحلل حدثا إلا بتوجيهات “وكالة اتصال” الثورة المضادة..
ثورة الفساد و اتخاذ سياسة التخويف من المستقبل والاحباط:
بعد تكوين “مليشياتها” الإعلامية، انطلقت الثورة المضادة في تشويه الثورة و الثوار و بث خطابات الإحباط بين التونسيين..و استجلاب “الخبراء” “لإرهاب” التونسيين و تخويفهم من المستقبل المظلم و الشهرية التي لن يجدوها في البنوك و التسويق لخطاب الندم و النحيب على “خطيئة” الثورة التي لم تجلب إلّا المصائب..

ثورة الفساد و العودة إلى الساحة السياسية من جديد:

تزامن ذلك كله مع إحداث سلسة من الاغتيالات أدت إلى إسقاط الحكومتين الأولى لحمادي الجبالي  بعد اغتيال شكري بالعيد والثانية حكومة علي لعريض بعد اغتيال البراهمي يوم عيد الجمهورية و قتل الجنود الأبرياء يوم الذكرى الستين للانبعاث الجيش الوطني ،،،، جاء بعد ذلك الانقلاب على الشرعية الانتخابية بإحداث مجلس تأسيسي موازي سمي بالحمار الوطني الذي أملى على النواب المنتخبين أهم فصول الدستور الذي ولد ميتا كما وصفه الشيخ الصادق شورو.
نجحت الثورة المضادة نسبيا في تشويه الثورة و إرباك مسارها..و انتقلت إلى مرحلة جديدة..وهي مرحلة الفعل السياسي و التموقع من جديد في المشهد العام و ساهمت في صنع ما سمي “بالأزمة” السياسية..التي نتج عنها “حوار وطني” سلمت بموجبه قوى الثورة جزء من مقاليد الحكم أو لنقل أهمها إلى حكومة “التكنوقراط” المشكوك في “تكنوقراطيتها”..

سياسة التهديد و الوعد و الوعيد:
بعد أسابيع قليلة على تسلم حكومة جمعة مسؤولية إدارة البلاد..تغيرت “اللهجة” و أصبح من كان يختبأ في جحره بعد الثورة يهدد و يتوعد حتى وصل الأمر إلى إمهال حكومة “التكنوقراط” عشرة أيام حتى “تتصرف” مع رموز الثورة..
المهلة حددتها نقابات الأمن..التي يؤكد عديد المتابعين للشأن الأمني أنها أصبحت “عبئا” على المؤسسة الأمنية..من خلال الاصطفاف السياسي المعلن لبعض النقابات الأمنية..و “تنسيق” قياداتها مع لوبيات “مالية” و سياسية محسوبة على الثورة المضادة..إضافة إلى تمردها المعلن على الدولة و ضربها عرض الحائط بالمؤسسات و القوانين..

ثم العودة إلى القمع و الإعتقالات و التعذيب و الإهانة و تلفيق التهم للأبرياء:
حادثة لاعتقال الناطق باسم رجا الثورة بالكرم عماد الدغيج قرأها البعض على أنها رسالة واضحة للثوار و مؤشر على دخول “البوليس” على الخط في مسار الثورة المضادة..و انتقال رموز الحنين للماضي الأسود إلى مرحلة “تصفية” قيادات و رموز الثورة و التشفي منهم..مما خلق حالة من الاحتقان و دعوة البعض إلى عودة الحراك الثوري من جديد..
لا ينكر أحد أن المؤسسة الأمنية تشهد محاولات من داخلها و من خارجها للإصلاح، و لا ينكر أحد أن عديد الأمنيين الشرفاء لا يريدون العودة للوراء و استعمالهم من جديد كعصا غليظة تصفّى بها الحسابات السياسية..لكن التونسيين أيضا لم ينسوا بعد بعض ممارسات “البوليس” و مشاهد السحل، و الضرب الوحشي، و الاعتقال بدون سند قانوني..و الاختطاف و الضرب “الهستيري” و التعذيب..مشاهد مازالت مخزنة في أرشيف التونسيين..الذي لم “يحرق بعد”..
لا يمكن للثورة أن تنجح في ضل تتمترس الثورة المضادة داخل المؤسسة الأمنية، و لا يمكن للثورة أن تحقق أهدافها قبل محاسبة الفاسدين و الجلادين و رموز الماضي الأسود الذين يعملون على إعادة إنتاج منظومة القمع و “الترهيب” وداخل المؤسسة الأمنية..

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire