ارتفع لهيب ما يُسمى "الحرب الأهلية الجهادية في سوريا" وأصبح يهدد ليس فقط الشام بل أيضا المغرب الكبير بسبب امتدادات الشبكات الإرهابية المقاتلة هناك. ويتصدر المغاربيون قائمة المقاتلين الذين وقعوا ضحية معارك المتمردين.
محمد إقبال بن رجب، رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، أكد يوم الاثنين 5 مايو أن التونسيين يتصدرون قائمة المقاتلين الأجانب الذين قُتلوا في سوريا.
بن رجب الذي كان يتحدث في ندوة احتضنتها مدينة سوسة الساحلية أشار إلى دراسة مجموعة جين لخدمات المعلومات كشفت أن 1902 تونسي قُتلوا في سوريا، يليهم الليبيون بمجموع 1807 قتيل ثم العراقيين (1432 قتيل).
وبحسب بن رجب فإن المقاتلين التونسيين منقسمون بين جبهة النصرة ودولة العراق والشام المعروفة باسم داعش.
ونشر العديد من هؤلاء الجهاديين شهادات مصورة على الإنترنت. هذه الشهادات تُظهر الأطراف الجهادية المتناحرة تستغل الأعضاء كقنابل بشرية ضد الجماعات المتطرفة الأخرى "المعادية".
وأشار بعض هؤلاء المقاتلين إلى أنه تعرض للخداع والكذب من طرف مؤطريهم، الذين أخبروهم أن الهدف يتعلق بقوات موالية لبشار الأسد، ليكتشفوا أنهم كانوا في الحقيقة موجهين لتفجير مجموعات جهادية يُفترض أنها تحارب نظام الأسد.
كما أشار بعضهم إلى أن الأهداف التي وُجهوا لتفجيرها كان فيها نساء وأطفال.
لكن ليس كل الانتحاريين الذي تم تسخيرهم في هذه المعارك الداخلية للقاعدة وفلولها حالفهم الحظ لاكتشاف حقيقة العمليات التي كُلفوا بتنفيذها قبل فوات الأوان.
وفي 5 مايو، تحدث موقع أرابيسك التونسي عن شريط مصور يُظهر قيام مقاتلين محسوبين على جبهة النصرة بإعدام عناصر من داعش، من بينهم ثلاثة شبان تونسيين.
مختار بن حديد، محلل قضايا الإرهاب، قال لمغاربية "هذا دليل آخر على أن التونسيين الذين ذهبوا إلى الجبهة لإسقاط النظام السوري وجدوا أنفسهم في وضعية جعلتهم يتقاتلون فيما بينهم".
وأضاف "إذ قسمتهم الاتجاهات القائمة في سوريا، ليكتشفوا أنهم تحولوا إلى حطب لهذه الحرب التي تستهدف الفصائل المقاتلة قبل استهداف النظام السوري. إنهم هناك من أجل اقتسام الغنائم".
وفر ما لا يقل عن 60 ألف شخص من المعارك الجارية بين تنظيمي النصرة وداعش، رغم الدعوة التي وجهها أيمن الظواهري مطلع الشهر الحالي لوقف الاقتتال بين الفصيلين الجهاديين.
وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير له يوم 3 مايو “منذ يناير الماضي، سقط آلاف القتلى في المعارك بين التنظيمين، رغم أنهما يحاربان قوات النظام السوري".
وأصبح نشر الصور والأشرطة المصورة التي تظهر الإعدامات الميدانية وفظاعات أخرى يقترفها تنظيم النصرة والجماعات التابعة للقاعدة أمرا مألوفا.
وحسب الباحثة الاجتماعية نجلاء المكي فإن "مثل هذه الصور والأشرطة تحولت في بعض الأحيان إلى عامل تحفيز للشبان".
وتضيف المكي "أمام الرقابة الأمنية المشددة على الخلايا التي تقوم بتجنيد الشبان وإرسالهم إلى المحرقة السورية، تعتبر الشبكة العنكبوتية أفضل وسيلة لشحن شبابنا".
عملية ذبح الجنود لم يعرفها التونسيون إلا في السنة الماضية عندما أصدر إرهابيون في جبل الشعانبي شريطا يصور الإعدام الدموي لعدة جنود تونسيين.
مرابط أحمد، إمام مسجد في الدار البيضاء، يقول "ما نراه اليوم هو تعبير عن الفوضى والانزلاقات التي يمكن أن تحدث عندما يترك أمر الجهاد لكل من هب ودب، يمارس بتسيب ومن دون ضوابط ولا أسس شرعية".
وأضاف "فبدل أن يكون الجهاد كما فرضه الإسلام... تحول إلى قتل عشوائي وعبثي على أيادي أمراء الحرب".
الصحفي المغربي عماد عادل قال لمغاربية "ما نراه في سوريا هو انقلاب للسحر على الساحر، فأحكام التكفير والردة التي كانت القاعدة توزعها يمنة ويسرة لتبرير أعمالها الإرهابية التي يذهب ضحيتها الأبرياء، وخصوصا من المسلمين، انقلبت اليوم ضدها. فكل جماعة أصبحت تتهم الأخرى بالردة والكفر وتهدر دمها".
وتساءل عادل "تصور شابان مغربيان تركا كل شيء وراءهما وسافرا بنية مساعدة الشعب السوري في التخلص من الدكتاتورية، يجدان نفسيهما، بدلا من ذلك، وجها لوجه في حرب لا يعرفان لا أسبابها ولا أهدافها. هل هناك غبن أكبر من هذا".
واستبعد المرتضى إعمراشا، إمام مسجد وخطيب سابق في مدينة الحسيمة، إمكانية أن تتوصل الجماعات الجهادية المتناحرة في سوريا إلى حل مشاكلها عن طريق الحوار.
وأوضح إعمراشا "كل طرف يستند إلى جانب من الأدبيات والروايات التي اختلقت لنصرة طرف على طرف. وللأسف توجد في التراث الإسلامي الكثير من هذه الروايات التي جرى اختلاقها منذ فترة الفتنة الكبرى، أي قبل 14 قرنا، والتي لا تمت بصلة إلى الدين الإسلامي".
وشدد الإمام أنه "لا شيء في دين الله يبرر أو يسوغ ما يرتكبه الإرهابيون من أعمال إرهابية يذهب ضحيتها الأبرياء".
وقال "لذلك أعتقد أن اقتتال الإرهابيين فيما بينهم سيمتد ويستمر حتى تقتنع الأمة الإسلامية أن التطرف عدو لجميع بني البشر، وأن لا حل لنا سوى التعايش مع جميع الأديان والأجناس في أخوة وحوار وسلام".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire