مخالب بريطانيا في تونس - الجزء الثاني
فتح أخطر الغرف المغلقة في تونس
مقال وسام لطرش
في الواحد والعشرين من شهر جوان لسنة 2010، عقدت غرفة التجارة التونسية البريطانية بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية جلسة عامة برئاسة الرئيس المتخلي محمد بن سدرين. وجرت الجلسة بحضور كل من الهادي الجيلاني رئيس منظمة الأعراف آنذاك، وكريستوفر أوكونور سفير بريطانيا في تونس إلى حدود وصول النهضة إلى الحكم، ومحمد صخر الماطري بوصفه رئيس جمعية الصداقة التونسية البريطانية ورئيس مجموعة برانسيس هولدينغ.
وقد تم في هذه الجلسة انتخاب مكتب جديد للغرفة حيث صار منصب الرئاسة للمدعو حسين الدغري (الرئيس المدير العام لمجمع الدغري)، كما تم انتخاب كل من صخر الماطري نائبا أول لرئيس الغرفة، وداد بوشماوي (مجمع بوشماوي) أمينة مال، ونوفل عيسى (المدير العام لـ"Shell" في تونس) أمينا عاما للغرفة.
من اليمين إلى اليسار داخل الإطار الأحمر:
وداد بوشماوي، حسين الدغري، صخر الماطري، كريستوفر أوكونور، الهادي الجيلاني (وراءه مهدي بن عبد الله BG)
قائمة الشركات التونسية البريطانية المشاركة في الغرفة
هذه الغرفة، يريد البعض ايهامنا أنها مجرد مكان يجمع رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات في تونس بنظرائهم في المملكة المتحدة، ولكن الحقيقة أنها أبعد من ذلك بكثير، إذ تتم اجتماعات هذه الغرفة بحضور سفير بريطانيا بما له من ارتباطات بالحكومات والأحزاب المتعاقبة على الحكم بل والأحزاب المعارضة أيضا، وبما يمتلكه من ملفات وبرامج عمل يراد تمريرها، والأكثر من ذلك أن وزراء السيادة يتم اختيارهم من داخل هذه الغرفة بعد اختبارهم ومعرفة قدراتهم على تسيير الملفات الحساسة بما يضمن مصالحهم، سواء عبر جلبهم إلى مقر الغرفة أو عبر تقصدهم للإتصال بهم في أماكن أخرى، حتى أن بعض السياسيين أدرك ذلك بعد وصول مهدي جمعة إلى منصبه في القصبة، فصار يتقرب إلى الأنجليز بالتمسح على أعتابها طمعا في حقيبة وزارية، وإن انكشف للرأي العام أمر أحدهم (خليل الزاوية من حزب التكتل عند ذهابه إلى إحدى اجتماعاتها بقمرت) فإن ما خفي كان أعظم.
طبعا وزارات السيادة ليس المقصود منها سيادة تونس حتى يذهب البعض بظنه أنها وزارات العدل والدفاع والداخلية والخارجية، بل هي الوزارات التي تكرس سيادة الغرب في تونس، وأهمها وزارة الصناعة والطاقة ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي ووزارة المالية بالإضافة إلى منصب محافظ البنك المركزي ورئيس الحكومة الذي يُستوجب ضمان ولائه كي لا يخالف أهم القرارات الوزارية فلا يتجرأ على رفض إحداها.
وفي أحيان تصبح وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع في بلداننا وزارات سيادة بالنسبة للغرب، وذلك إذا عجز عن فرض منظومته بالطرق السلمية الممكّنة من قيادة الرأي العام، فيعمد إلى استدعاء الديكتاتورية باسم الديمقراطية (كما الحال في تونس وغيرها قبل الثورة أو كما هو الحال في مصر حاليا) ليضطر الناس إلى الدخول لبيت الطاعة.
أما عن طريقة التحكم في المشهد السياسي، فهي تكون بعد مراعاة المواقف الدولية وتلقي عروض مؤسسات النهب الدولي، عبر إشراف رجال الأعمال على ضخ الأموال في أرصدة الشخصيات الفاعلة في مختلف القطاعات، أمنية وقضائية وإعلامية وسياسية، بحيث تتظافر كل الجهود في سبيل تمرير أجندة واحدة تتكامل ضمنها الأدوار.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فقد بلغت تكلفة إحدى فعاليات الحزب الجمهوري حين نفذ وقفة في شارع الحبيب بورقيبة 30 ألف دينار، وللقارئ أن يتصور حجم تمويل حزب نداء تونس الذي يقوم أساسا على رجال الأعمال المرتبطين ارتباطا عضويا بهذه الغرفة وبمنظمة الأعراف.
رجالات الغرفة التونسية البريطانية:
حسين الدغري: هو حسين بن بشير الدغري ولد في 19 ديسمبر 1950 أصيل جزيرة جربة. تمكن من الدخول في شراكة مع كبرى أجنحة المال والأعمال في تونس بحيث أصبح بقدرة قادر مايسترو عالم المال فيها فامتلك في مجال التأمين ما يعرف بمجمع LA CARTE شركة التأمين وإعادة التأمين التونسية الأوروبية وله ما يقارب الـ 18% من رأس مال شركة التأمين "التكافل" أما في مجال الصناعة فهو يمتلك شركة المنتجات الكيميائية بمقرين SEPCM وشركة الصناعات الكيميائية TGI بالإضافة إلى شركة CEPIM المختصة في الصناعات البيتروكيميائية وكذلك شركة ALKIMIA التي تختص في بنفس النشاط ولم يترك صاحبنا أي مجال إلا واستغله.
على يسار الصورة: حسين الدغري ضمن الوفد المرافق لمهدي جمعة عند زيارته الأخيرة إلى فرنسا
فعلى مستوى الإيجار المالي نذكر COTIF SICAR و COFIT SICAF، هذا بالإضافة إلى الاتحاد التونسي للمشاركة والصناعة SICAR، كما ينشط كذلك في المجال الفلاحي من خلال شركة حليب تونس ِCANDIA والتي يمتلك قرابة الـ45% من رأس مالها ولا ننسى كذلك امتلاكه لنسبة هامة من الأسهم في بنك الزيتونة ونشاطه في المجال السياحي عبر PARK INN HAMMAMET.
هذه الممتلكات لم تنزل هكذا بالصدفة على صاحبنا أو هي هبة من عند الله بل هي من جراء تنفذ الرجل وعلاقاته الوطيدة حيث أنه يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف، فكانت له علاقة وطيدة بكمال اللطيف وسليم شيبوب ثم بعدها انتقل إلى دائرة بلحسن الطرابلسي وفي آخر المطاف لعب جيدا في ملعب صخر الماطري، لذلك فهو يعتبر قد أكل تقريبا من كل الأطباق وهو يطبق مقولة "عاش الملك مات الملك" بحذافيرها.
في الجهة المقابلة، لم يكن اختيار صخر الماطري لشركائه هكذا عن طريق الصدفة أو من فراغ بل كان يحرص بإيعاز من صهره على أن يكون ضمن مجموعة منظمة من "المحترفين" (وهنا نذكر أنه عندما باع بن علي أسهم الاتحاد الدولي للبنوك اعتمد على رجال أعمال معينين مقربين منه حتى تنجح عملية التغطية والتمويه وتمر على أحسن ما يرام في إخراج يبعده على كل الشبهات ومن هؤلاء نذكر "حمادي بوصبيع" و"عبد القادر الحمروني" و"عزيز ميلاد". وقد تمكن من بيع أسهم البنك المذكور بقرابة الـ 40 مليار بحساب 10 مليارات نصيب كل واحد من هؤلاء).
نفس التمشي إذن كان قد استعمل بمناسبة تأسيس بنك الزيتونة حيث قرر صخر الماطري بنفس الطريقة التي يعتمدها المخلوع مشاركة رؤوس الفساد من بينهم "حمدي المدب" و"عزيز ميلاد" و"عبد الوهاب بن عياد" صاحب مجمع POULINA و"حسين الدغري" الذين تركوا الماطري يتصرف في الـ 51% والبقية تقاسموها فيم بينهم ليكون غطاءا لهم في أعمالهم اللامشروعة ويكونوا هم واجهة لفساده ونهبه للمال العام.
1- عزيز ميلاد، 2- صخر الماطري، 3- عبد الوهاب بن عياد، 4- حمدي المدب، 5- حسين الدغري
هذا ويذكر أن بنك الزيتونة انطلق للعمل في ماي 2010 برأس مال قدره 35 مليون دينار ليصل في شهر أكتوبر من نفس السنة إلى 70 مليون دينار وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول مدى شرعية الأعمال التي كان يقوم بها هذا البنك وطرق تمويله وعلاقته بالبنوك العمومية والغريب في الأمر هنا أنه حيث ما نجد اسم صخر الماطري نجد اسم حسين الدغري سواء في الغرفة التجارية التونسية البريطانية أو في بنك الزيتونة أو حتى في ما يعرف بقضية بنك الجنوب.
نعلم أن الكثير من رجال الأعمال المورطين في الفساد، قد يلجؤون إلى خلق شركات أجنبية ذات جنسيات مختلفة لكي يتمكنوا من تهريب الأموال إلى الخارج بصفة احتياطية حتى لا تقع مصادرتها في صورة انهيار النظام الذي كانوا يتمعشون منه، لذلك لم يشذّ حسين الدغري عن هذه القاعدة التي رسمها سابقوه، فكوّن شركة تأمين بالجزائر تحت مسمى الشركة المتوسطية للتأمين العام وقد كانت غطاء لتهريب الأموال للجزائر وكذلك له شركات عقارية بفرنسا مقرها بـ 16نهج “روني ديمونسال” بباريس تحت مسمى "اس.سي.اي" ديمونسال ومسجلة بالسجل التجاري بباريس تحت عدد 497747485 ويبلغ رأسمالها 200 ألف يورو أي ما يعادل 400 ألف دينار تونسي ويراج أن الشركات المذكورة لم تكن سوى وسيلة لتهريب المال إلى الخارج ومنها إلى حسابات سرية مختلفة، وهذا قد يجيب عن التساؤلات المطروحة حول مصير نصيب صخر الماطري من الشراكة.
ما يتميز به هذا الشخص هو قدرته على البقاء في الكواليس وعدم الظهور إعلاميا حفاظا على صورته و"سمعته" وعلى مصالحه الاقتصادية.
صورة لحسين الدغري إلى جانب وزير الصناعة في عهد بن علي عفيف شلبي
على يمين الصورة حسين الدغري في مقر منظمة الأعراف بحضور سفير بريطانيا السابق
وزير الصناعة مهدي جمعة يحل ضيفا على غرفة التجارة التونسية البريطانية
وزير الصناعة مهدي جمعة وبداية اختباره من قبل الأنجليز
مهدي جمعة يشرح رؤاه للأنجليز قبل رئاسته للحكومة
حسين الدغري يتوسط سفير بريطانيا ووزير الصناعة الحالي ومدير عام بريتش غاز في تونس
*******
مهدي بن عبد الله مدير عام بريتش غاز
مهدي بن عبد الله: هو الرجل الثاني بعد حسين الدغري في غرفة التجارة التونسية البريطانية منذ عهد بن علي. متحصل على درجة الماجستير في الدبلوماسية التجارية ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال من كاليفورنيا، وهو المدير التنفيذي المسؤول عن العلاقات الدولية في منظمة الأعراف من 2003 إلى 2005 (أي في عهد الهادي الجيلاني)، وهو كذلك عضو مجلس إدارة سابق للغرفة التونسية الفرنسية للتجارة والصناعة، الغرفة التونسية الأمريكية، والغرفة التونسية الهولندية للتجارة.
يشغل حاليا منصب نائب رئيس بريتش غاز تونس، المستثمر الأول في قطاع الطاقة وأكبر منتج للغاز في تونس، وعضو في فريق الإدارة ورئيس مجلس الإدارة لمسؤولية الشركات. وهو عضو في المكتب السياسي لحزب التكتل، وزوجته صفية هي من الأعضاء المؤسسين لحزب آفاق تونس، وهو رئيس ومؤسس لعدة جمعيات تعمل على نشر الثقافة الديمقراطية في تونس.
مهدي بن عبد الله في جلسة خمرية
مقال يتحدث عن مهدي بن عبد الله وزوجته في الربيع العربي:
”Mehdi Ben Abdallah: Taking an Active Role in the “Arab Spring
http://sites.miis.edu/communique/2011/10/18/mehdi-ben-abdallah-taking-an-active-role-in-the-%E2%80%9Carab-spring%E2%80%9D/
يتبع...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire